أبسط ما يمكن قوله عن هذه الطغمة الحاكمة أنهم أصبحوا جزءًا من المشكلة التي تعاني منها البلاد أو انهم هم المشكلة بحد ذاتها بالنظر إلى ما يحصل
 

الدستور، القانون، إتفاقية الطائف، صيغة العيش المشترك، الميثاق، العدالة، القضاء المستقل، الفصل بين السلطات، الإنماء المتوازن، المساواة، حقوق المواطن، الأمن والإستقرار، الأمان والإطمئنان، النمو الإقتصادي، مؤسسات الدولة، الأجهزة الأمنية، إلغاء الطائفية السياسية، الإنتماء الوطني، الإزدهار، الإستثمار، السياحة، الإصطياف، المجلس التشريعي، المجلس التنفيذي، مراقبة المشاريع، المحافظة على البيئة، النظافة، ضمان الشيخوخة، حقوق المرأة، إقرار سلسلة الرتب والرواتب، الاتفاق على قانون للإنتخابات النيابية جديد وعصري يتماهى مع طموح وأحلام الشباب. 
كل هذه مفردات نسمعها من على شاشات التلفزة ونقرأها على صفحات المجلات والجرائد ولكنها على أرض الواقع ليس لها أي وجود وليس لها أي أثر، فقط تحولت إلى أزمة يرددها المسؤولون عن ظهر قلب بمناسبة وبغير مناسبة كالببغاء التي تردد ما تسمعه دون أن تعي معناه أو تفقه ما تقول.

إقرأ أيضًا: الستين يتصدر المشهد السياسي
أما الواقع فهو حافل بما طفا على سطح الممارسات الخسيسة والدنيئة التي يمارسها نفس المسؤولين بكل وقاحة وصفاقة وصلافة دون أي وازع أخلاقي ودون أي خوف من عقاب في الدنيا وفي الآخرة كالفساد والرشاوى والسمسرات والصفقات المشبوهة والسرقات وهدر المال العام والفلتان الأمني وفرض الخوات والتشبيح والقتل والإجرام والسلاح المتفلت من أي قيود والغلاء الفاحش وجشع التجار وجنون الأسعار وخاصة في المناسبات دون حسيب أو رقيب وغياب الخدمات الملحة والضرورية للحد الأدنى من الحياة الحرة الكريمة كالكهرباء والمياه والإتصالات والتعليم والاستشفاء والطبابة بأسعار تتناسب مع الأجور المتدنية وأكوام النفايات التي تملىء الشوارع والأحياء والأزقة بدل الحدائق العامة وجنائن الأطفال تلوث البيئة بسبب فوضى توزيع الكسارات ومقالع الأحجار والمرامل والمصانع والمعامل والتهريب وتجارة الممنوعات وإنتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وإقتناء السلاح واستخدامه عشوائيا ودون وجه حق وكساد المواسم والمحاصيل و تقاسم المغانم بين مكونات الطبقة السياسية الحاكمة وحرمان خزينة الدولة من أهم مصادرها المالية بسبب هيمنة قوى الأمر الواقع عليها وتراكم الديون المترتبة على الدولة والتي جاوزت السبعين مليار دولار والتي تتراكم عامًا بعد عام وتمويل مجالس ذات صفة وهمية ولكنها خاضعة لسلطة مرجعيات سياسية وحزبية من أصحاب النفوذ الذين لا يرد لهم طلب بأموال طائلة وباهظة. 
في ظل هذا الواقع المزري يعيش المواطن وقديما قيل  هنيئا لمن له مرقد عنزة في لبنان، أما اليوم ومع هذه الطغمة المتسلطة على رقاب العباد والبلاد فالأصح هو هنيئا لمن يحظى بتأشيرة سفر إلى أي بلد في العالم هروبًا من لبنان. 

إقرأ أيضًا: تداعيات زيارة ترامب إلى السعودية
وهنا تتجلى خيوط المؤامرة على البلد والتي تهدف إلى إفراغه من كل عوامل الحياة الحرة الكريمة ومن كل مقومات التعايش بين أبنائه وذلك بسبب زرع الفتن والدسائس بينهم وإثارة الأحقاد الطائفية والمذهبية البغيضة وإستحضار الصفحات السوداء من التاريخ الماضي السحيق وغض النظر عن إمتلاك السلاح غير الشرعي بكل أنواعه حتى بات إقتناء قطعة سلاح حاجة ضرورية للدفاع عن النفس مع تباطؤ القوى الأمنية المولجة حفظ الأمن عن القيام بواجباتها للحد من إستخدام هذا السلاح المتفلت والرصاص الطائش الذي يحصد المئات من المدنيين الأبرياء سنويًا، والتقصير الواضح للأجهزة المعنية عن ملاحقة المخلين بالأمن والمرتكبين للأعمال الجرمية والمطلوبين بتجارة المخدرات وجرائم القتل، علمًا بأن هؤلاء يصولون ويجولون على مرمى حجر من الحواجز العسكرية وبالرغم من الإعلان أكثر من مرة عن خطط أمنية لمنطقة بعلبك الهرمل التي تعاني أساسًا ومنذ عقود من حرمان مزمن ومن إستهتار ممنهج من قبل الدولة بحق هذه المنطقة المعزولة عن باقي المناطق اللبنانية. 
فالبلد بات على شفير الإنهيار الاقتصادي والأمني والسياسي وهو على قاب قوسين او أدنى من إنفجاره بحروب أهلية قد بسببها انتقال شرارة من النيران الملتهبة من حوله. 
كل ذلك والمسؤولين لا زالوا يتلهون ببعض التفاهات والمماحكات والتبرعات مع عجزهم عن الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات النيابية يلبي طموح المواطن وهم يدورون في حلقة مفرغة بحثًا عن جنس الملائكة وأيهما قبل البيضة أم الدجاجة.