الأموال التي أغدقتها المملكة السعودية على ضيوفها الأميركيين والتي أدت إلى إنتقادات عدة كان لها ما يشببها بل أكثر وطأة في العراق البلد الذي تنهب مقدراته وثرواته في وقت يفتقد فيه إلى الحد الأدنى من التنمية على كل صعيد وهنا يكمن الفرق بين السعودية والعراق
 

قامت عاصفة من الإنتقادات على التصرف السعودي بأموال النبيّ (ص) التي وهبت للولايات المتحدة وسُلمت للرئيس ترامب وعائلته تعبيراً عن الكرم الملكي وعن الحفاوة العربية وعن أهمية مرور حاكم العالم من المملكة في أوّل زيارة له للمنطقة تأكيداً منه على دعم مفتوح وحماية كاملة وغير منقوصة لبلد محاصر بسيوف فارسية كادت أن تشق خاصرته اليمنية لولا الإستفاقة من كبوة الذهب الأسود.
لقد بالغ الملك والمملكة في بذخ قلّ نظيره للسيد الأميركي وهذا ما دفع عرباً ومسلمين الى الإغتياظ والتسفيه والتحامل على حكّام يفرطون في حقوق الأمّة لصالح مصالح نُخب سلطوية تدفع أثمان بقائها المُزمن في الحكم للدول القوية النافذة وهذا ديدن جميع السلطات الخائفة من شعوبها ومن أطماع دول مجاورة لها وهذا ما يُرتب عليها ديون حماية دائمة وقد قالها دونالد ترامب صراحة بأن على المتنعمين بحماية واشنطن أن يدفعوا ما يترتب عليهم من نفقات الحماية القائمة.

إقرأ أيضًا: القمّة الممانعة المقاومة – الروسية هي الردّ
لا أحد يدافع عن بذخ في غير محله ولو أن هذه الأموال دُفعت للعرب والمسلمين لما إحتاجت المملكة لحماية أميركا وهذا يطال كافة الدول التي يتم فيها نهب المال العام لصالح حماية السلطة ولا امكانية لإستثناء أحد ولكن مشكلة الشعوب أنها تتغاضى عمن تريد وتُبصر فيما تُريد فلم نسمع ولم نشاهد عاصفة كلامية خطابية عن الأموال المهدورة في العراق فالكل أخرس ولسان الشيعة عاجز عن الكلام هنا طالما أن موجبات السياسة تقتضي ذلك فالنهب الذي تمّ ويتم في العراق للمقامات الدينية وللنفط والثروات الطبيعية يتجاوز ما أغدقه الملك السعودي على الرئيس الأميركي حتى لا إمكانية للمقاربة بين الدولتين فالعراق لا يشبه السعودية في شيء فالتنمية العراقية مفقودة وهناك تنمية للجيوب فقط وهناك دكاكيين مفتوحة للعائلات والأحزاب والمرجعيات وهي تملك الثروات العراقية الهائلة وهي تدفع مقابل هذه الملكية آتاوة إقليمية ودولية فلأميركا حصّة مالية ثابتة نتيجة ما توفره من حماية للسلطة ولإيران ميزانية مفتوحة تصرفها في المجالات التي تراها مناسبة كونها توفر للسلطة الحاكمة أسباب استمرارها وبقائها.
وفي زيارة سريعة لإيران أو في جلسة صدفة مع مواطن إيراني ستتضح لك صورة صرف الأموال العامة عن طريق الهدر وتغطية نفقات الحروب المفتوحة من اليمن إلى سوريا إلى دعم كل متسول سياسي تحت عناوين ثورية فارغة إلى حجم إستثمار الموت في إيران وخارجها ودفع نفقات كبيرة وهائلة للروس كثمن من أثمان الحماية التي توفرها روسيا لسياسات إيران المتعددة الوجوه والإتجاهات.
إن كمية الغضب الايراني الشعبي الغير محتبسة في الصدور والمعلنة بحدية كبيرة تتجلى في كل إستحقاق من خلال التصويت للإصلاح الذي يدفع بإتجاه وضع الثروة الوطنية في البلاد لا في توزيعها  بالخارج كحصص لتعزيز قوّة إيران كدولة إقليمية فقوّة الدولة بالنسبة للخط الإصلاحي تكمن في قوّة الإقتصاد الإيراني وشرعية السلطة لا في خلايا النائمة ولا في الخلايا الناشطة داخل الدول.

إقرأ أيضًا: مجنون من ينتظر حرباً مجنونة
إن تصرف السعودية أثار جدلاً عربياً واسلامياً واسعاً على المملكة ولكنه لم يلحظ تصرفات أخرى لدول يجب أن تنتقد كما انتقدت المملكة ولا داعي لرؤية العيب في الغير بالقدر الذي يجب أن ترى العيوب في نفسك اذا ما قررت أيها الشعب أن تستفيق يوماً من جهالة الطائفة والمذهب والحزب والسياسة لأن في ذلك تشاف من أمراض تفتك بنا وقد أهلكتنا ووضعتنا في مصحات وتوابيت وأرادت لنا أن نكون عبيد أصنامها لنقدم لها صنوف الطاعة العمياء والتي تجعلنا نتغاضى عن قُبح ما تفعل كون قبحها جميل في عين العبد.
نقول إلى كل الدول التي لا تحكمها القوانيين بل الآلهة والشبكات التي توفر لها طقوس العبادة من من نخبكم لا يدفع أثمان حماية هذه الآلهة ولا يهدر الأموال العامة بطرق غير قانونية؟ فليرجم السعودية بحجارة من سجيل.