فحاذر يا حضرة الوزير من أن يغضب عليك فخامة الرئيس فيعزلُك عن المسيحيين وحقوقهم، ويرميك في مهالك الطائفة الشيعية، فلن تقوم لك بعد ذلك قائمة، وصديقُك من صدقك، لا من صدّقك
 

أولاً: باسيل يُنافس الثنائية الشيعية...
والله، هذا هو الإدبار، بعد القحط والجدب الذي أصاب شيعة أهل البيت في جبل عامل والبقاعين الأوسط والشمالي، فخلت الديار من العلماء الأفذاذ، ورجال السياسة الدُّهاة، والحكماء الأفاضل، فلم يبق إلاّ أن يتولّانا الوزير جبران باسيل، فقانون النسبية يسمح له بتزعُّم تيار شيعي ثالث، وهذه هي ثالثة الاثافي ، أي ثالثة المصائب التي ضرب العربُ فيها المثل، وباسيل هذا، هو الذي ضرب بسيف ذو الفقار (سيف الإمام علي) طوال عشرة أعوام، أي منذ وقّع الجنرال عون التفاهم الشهير مع حزب الله، وما لبث أن ناصب العداء لأهل السُّنّة، حتى أذعنوا للحقّ وانتخبوا الجنرال عون رئيساً للجمهورية، ونازل الرئيس برّي في عُقر داره جزّين (باعتباره شريكاً مُناكفاً لأهل المقاومة) فهزمهُ شرّ هزيمة، وأتبعها بخذلانه (أي لبرّي) في الاتفاق على" سلّة " غلال الحُكم، وقد أصابته اليوم "السّكرة" أي الغفلة، وغابت عنه "الفكرة"، وبات يطمح لمدّ سلطانه نحو بقية الطوائف، بعد أن عاد بالحظّ الأوفر من معارك "الميثاقية" وحقوق المسيحيين، وفي حندوقة عينه الطائفة الشيعية، ولا عجب، ففيها المقاتلون الذين لا يخشون إن وقعوا على الموت أو وقع الموت عليهم، وهم أوفياءُ صادقون، إن عاهدوا صدقوا، والوعدُ الصادق بإحضار الأسير سمير القنطار (قبل أن ينال الشهادة) من سجون الاحتلال الإسرائيلي كلّف الدولة والأمة جمعاء حرباً ضروساً، والوعد القاطع بانتخاب الرئيس عون لرئاسة الجمهورية ما زال ماثلاً، وبدأنا نسمع همهمات (لو كُنّا نعلم ) تتعالى.

إقرأ أيضًا: حقوق المسيحيين الضائعة..الانحطاط السياسي والابتذال الثقافي.
ثانياً: مُصاب الشيعة ومصائب باسيل...
صحيح، أنّ دخول باسيل الصفوف الشيعية، وتزعُّمه تياراً سياسياً بجانب الثنائية ، هو أمرٌ جلل ومُصابٌ عظيم يُلحق بمصائب أهل بيت النبوة منذ أن سُلب حقُّهم في الخلافة واستشهد أئمّتُهم الواحد بعد الآخر، إلاّ أنّ مصاب باسيل في عقله وإقدامه أفدح وأخطر، ولعلّه يعتقد أنّ الشيعة سيُوالونهُ لنزاهة كفّه، وصدق طويّته، ونُبل مراميه، وحُسن بلائه في السياسة والاقتصاد والاجتماع، لا، وألف لا، فاسمهُ مقرونٌ بالفساد والرشوة وصرف النفوذ منذ أن تولّى وزارات الخدمات، وبالتأكيد، إذا فارق قومه سيندم ، ولات ساعة مندم.
قال الفقيه محمد بن سيرين: كان الرجل يقول: غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة، عزله عن البصرة واستعمله على الكوفة، فحاذر يا حضرة الوزير من أن يغضب عليك فخامة الرئيس فيعزلُك عن المسيحيين وحقوقهم، ويرميك في مهالك الطائفة الشيعية، فلن تقوم لك بعد ذلك قائمة، وصديقُك من صدقك، لا من صدّقك.