يخشى حزب الله من إمكانية خسارة هيمنته على الساحة اللبنانية، بعد أن بدا أن الموازين القائمة فيها لم تعد تعطيه مركز الثقل الأساسي، وهذا ما يفسر تصعيده اللافت ضد موقعي رئاسة الجمهورية والحكومة
 

يحاول حزب الله عبر اتخاذه لمواقف تصعيدية في عدد من الملفات المثيرة للجدل، إظهار أنه الطرف الأقوى في المعادلة اللبنانية.

وأبدى الحزب إصرارا غير مسبوق على أنه لن يسمح بمرور قانون انتخابي ما لم يستند على النسبية الكاملة، كما أوكل لبعض حلفائه مهمة مهاجمة رئيس الوزراء سعد الحريري، بعد هدنة طويلة معه، هزتها مشاركة الأخير في القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض مؤخرا، والتي اعتبرها مقدمة لعهد دولي مناهض له.

وترى أوساط سياسية لبنانية أن المواقف التصعيدية لحزب الله، تعكس شعورا بالقلق، مما قد يواجهه في الفترة المقبلة خاصة وأن جميع المؤشرات تشي بأن هناك توجها دوليا لمحاصرة الحزب واستهدافه في عقر داره، بعد أن بات يشكل تهديدا فعليا لاستقرار المنطقة.

ويخشى حزب الله من أن يفلت من يده زمام الأمور في لبنان خاصة وأن بعض الحلفاء الذين لطالما راهن على دعمهم، وعلى رأسهم التيار الوطني الحر بدأوا يعيدون النظر في تموقعهم على الساحة اللبنانية.

واستعمل الحزب منصة المجلس الشيعي الأعلى لإطلاق مواقف يرد فيها على بيان القمة الإسلامية الأميركية في الرياض، حيث طالب البيان الذي صدر بعد اجتماع المجلس بأن ينأى لبنان بنفسه عما صدر في قمة الرياض، كما دعا إلى رفض التمديد والفراغ وإلى إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون النسبية الكاملة.

ويحاول الحزب الرد على الاستهداف الجدي الذي يطاله عبر التهديد بالفراغ الحكومي والرئاسي من خلال صيغة يطلق عليها تسمية “رفض الفراغ”.

وكان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قد أطلق مؤخرا تصريحات ربط فيها بين وقوع الفراغ في المجلس النيابي وبين حدوث فراغ مماثل في موقعي رئاسة الحكومة والجمهورية.

وقال رعد “بكل حزم، الفراغ ممنوع في هذا البلد، لأن الفراغ لا يعني أنه لم يعد لدينا مجلس نيابي أو رئيس مجلس نيابي، الفراغ يعني أنه لم تعد لدينا حكومة ولا رئيس حكومة، ويصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئاً”.


محمد الحجار: حزب الله يحاول منع حدوث فراغ في السلطة التشريعية
ويعاني الحزب من اختلال موقعه في تركيبة السلطة اللبنانية حاليا حيث يرى أن الموازين القائمة فيها لم تعد تعطيه مركز الثقل الأساسي فيها.

وكانت المعادلة التي سوق لها الحزب تقوم على أنه قد نجح في الإطباق التام على مفاصل الرئاسات الثلاث بعد وصول الجنرال ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى وبقاء الرئيس نبيه بري على رأس المجلس النيابي، وإيصال سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وتشكيل حكومة لا يتمتع فيها بالثقل الوازن.

ولم تعد هذه المعادلة قائمة فعليا بعد التوتر الكبير الذي شاب علاقة حزب الله برئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والتناغم الكبير بين رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الحكومة سعد الحريري.

ويعتبر مدير مؤسسة أمم للأبحاث والتوثيق، لقمان سليم أن حزب الله سيعمد إلى استغلال ما يعتبره “الخطأ” الذي وقع فيه باسيل خلال مشاركته في قمة الرياض، وإعلانه عن عدم معرفته بأن القمة ستصدر بيانا معاديا للحزب في ضبط إيقاع حركته التي أزعجته وفي الدفع باتجاه الموافقة على القرارات التي ينوي تمريرها، وأهمها السير في قانون النسبية.

ولا يجد النائب عن كتلة المستقبل محمد الحجار أن تصريحات رعد “تتضمن تهديدا بإسقاط الحكومة بقدر ما تكشف عن ضغوط، يحاول حزب الله من خلالها منع الوصول إلى حالة فراغ في السلطة التشريعية التي تمثل مشاركة الطائفة الشيعية في معادلة الحكم.

ويفرض مناخ القمة الخليجية الأميركية وتسارع نشوء التحالفات الإسلامية العربية الأميركية التي ترفع عنوان مواجهة إيران على الحزب الشروع في عملية إعادة إنتاج حضوره في الساحة اللبنانية، والتي يؤكد المحللون أنها الساحة الأساسية التي سيخوض فيها معاركه في المرحلة القادمة.

ويؤكد لقمان سليم أن مضمون بيان قمة الرياض إذا ما استثنينا منه توصيف حزب الله بالإرهابي ليس سوى إعادة لما ورد في نص القرار 1559.

ويشكك مدير مؤسسة أمم في أن يلجأ حزب الله إلى القيام بردود فعل عنيفة مشابهة لردود فعله بعد صدور القرار 1559، مشددا على أن الحزب لن يلجأ إلى سيناريوهات خطيرة من قبيل إسقاط الحكومة.

 

 

شادي علاء الدين