تتحول المعركة بين الرئيسين ميشال عون و نبيه بري إلى معركة مصيرية ووجودية
 

تتحول المعركة الحاصلة بين التيار الوطني الحر ومعه العهد والرئيس نبيه بري إلى شخصية لا تخلو من التحدي والكيدية والنكايات.
فهذه المعركة لم تكن بدايتها قانون جديد للإنتخابات ولن يكون هذا الموضوع نهايتها بل هي نتاج تراكم كبير  لملفات متوترة وقضايا ساخنة  مرت بمحطات كانت معظمها سلبية وغير مشجعة.
لكن الإشارة الكبيرة لتصدع هذه العلاقة هي في فترة تهديد الرئيس نبيه بري بالإنضمام إلى المعارضة  في حال إنتخاب عون رئيسا  وتنفيذه لاحقا لهذا الوعد في ملف قانون الإنتخابات حتى الآن.

إقرأ أيضا : النسبية التي يريدها التيار الوطني الحر!

معركة بين وعيين:

في هذا الملف بالتحديد ظهرت المشكلة بوضوح أكثر ، فهي معركة أحجام ومعادلات جديدة وتوازنات منها ما هو مرتبط بتطورات الخارج ومنها ما هو مرتبط بحسابات داخلية مؤجلة.
وعلى خط هذه العلاقة المختلفة عن كل العلاقات السياسية في البلد فالخصام الحاصل مثلا بين حزب الله والمستقبل لا نراه يأخذ بعدا شخصيا كالعلاقة المتوترة بين التيار والرئيس بري ولذلك أسباب مرتبطة بعدم وجود " كيمياء " في العلاقة بين الطرفين وللوعي الجماعي الذي يمثله كل طرف منهما.
فالرئيس عون يمثل ذلك المارد الماروني الذي نهض من  القمقم ويحاكي أدبيات بشير الجميل والعصر المسيحي القوي أما الرئيس بري فهو الثائر الذي تمرد على نظام المارونية وإنتزع منها مكتسبات أعطاها للشيعة وإفتتح صفحة جديدة من تاريخ الحقبة الذهبية للشيعة في الحكم بلبنان.

إقرأ أيضا : هل غدر الحريري ببري ؟
هنا تتجلى ملامح المعركة الحاصلة بوضوح من دون  حياء فكلا الطرفين يعتبرها معركة وجود وإثبات للذات لذلك لن تخلو هذه المعركة من حس الإنتقام والثأر والدفاع الشرس الذي يصل حد " شخصنة " المعركة بعيدا عن بروتوكولات الحياة السياسية في لبنان.
ولا تعني هذه المعركة صراعا بين قدامى النظام ومجدديه أو بين جيلين مختلفين  كما يشخص البعض الصراع الحالي بين التيار وبري فهذا تشخيص خاطىء كون ميشال عون ينتمي لهذا النظام إن عبر مساهمته عن غير قصد في ولادته والتحالف لاحقا مع أبرز مكوناته أو مشاركته في المكاسب ( وزارات ونواب )  وإعترافه بشرعيته منذ العودة من منفاه الباريسي.
أضف لذلك أن الرئيسين  ميشال عون ونبيه بري يمارسان السياسة في لبنان بأدق تفاصيلها وبنفس عناوين المرحلة السابقة وهم متشابهون في هذا الأمر على الرغم من إختلاف المستهدفين من خطاباتهم وقد شارك العونيون في العديد من الحكومات ولم يقدموا أي إشارة جدية على نيتهم الحقيقية في التخلي عن أدبيات النظام  التقليدية ( محاصصة ومشاركة في الحكم وحاليا تطبيق إتفاق الطائف ) بل يريدون السيطرة والحكم  لذلك يمكن تشخيص هذا الصراع بأنه لحظة حنين مشتركة بين طرفين ( الموارنة  والشيعة ) لزمن تحصيل المكتسبات وعودة الأمجاد التاريخية مع فعل مقاوم وتصدي لهذه المحاولات.

إقرأ أيضا : هل سيستقيل وزراء الثنائية الشيعية من الحكومة؟

 

 

أمنية التيار:

وهذه اللحظة التاريخية يريدها العونيون أن تتجوهر أكثر في كسر حالة نبيه بري لما يمثله من وعي شيعي مقاوم للنظام الماروني القديم وهم يعتبروه خط الدفاع الأقوى ضد محاولات العودة لذاك النظام .
ولأجل هذه الغاية حصلت محاولات عدة، الأولى رمزية في إنتخابات جزين 2009 والثانية كانت أقوى ومعبرة في إنتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية عام 2016 والثالثة تحصل اليوم في موضوع قانون الإنتخابات وما يجري من حديث حول سيناريوهات ما بعد 20 حزيران.
وبحسب معلومات من مقربين من التيار  تتحدث عن دراسة دستورية  تقول بأنه في حال إنتهاء ولاية المجلس النيابي يجب أن تجرى الإنتخابات على أساس القانون النافذ ( الستين ) بعد 3 أشهر من إنتهاء ولايته.
وبالتالي فهم يفسرون هذه الدراسة بالقول أن الرئيس بري يجب أن يخرج من قصر عين التينة وسيصبح رئيسا سابقا للمجلس حتى إجراء الإنتخابات ولو بقي يصرف الأعمال مع هيئة المكتب وهم يستندون إلى المادة 25 من الدستور اللبناني التي تقول:" إذا حل مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة وهذه الانتخابات تجري وفقاً للمادة 24 وتنتهي في مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر".
هذه الدراسة يقابلها قراءة أخرى تقول بأن المادة الدستورية تحدثت عن حل مجلس النواب لا إنتهاء ولايته وبالتالي هناك فرق حيث سيحل الفراغ في الدولة كلها.

إقرأ أيضا : مجلس الشيوخ يحول الصراع في لبنان إلى شيعي - مسيحي !
وبين الدراستين والقراءتين المختلفتين يكثر الكلام في الصحف عن مقربين من التيار و دوائر بعبدا الذي يقول بأنهم يتمنون رؤية نبيه بري رئيسا سابقا ولو لساعة واحدة وهي ستدفع بإتجاه هذا السيناريو وإستكمال حالة كسر بري في الوعي الجماعي اللبناني.
قد تكون هذه المعلومات مغلوطة لكن الثابت واليقيني هو أن العلاقة بين الرئيسين عون وبري وصلت حد شرعنة  إستخدام كافة الوسائل والأسلحة كمصداق للمقولة  التاريخية  :" كل شيء مباح في الحب والحرب".