أكد وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي أن "موضوع حماية الطفل يشكل أولوية لدى الدولة، حكومة وشعبا، وهي تلتزم وتسعى لتوفير بيئة آمنة ومحصنة تسمح بتطوير قدرات الطفل وامكاناته ومواهبه من خلال تأمين ما يمكن من حاجاته النفسية والاجتماعية والثقافية بما يتلاءم والمبادىء الاساسية لاتفاقية حقوق الطفل".
 
كلام بو عاصي جاء خلال جلسة مناقشة "التقرير الوطني الدوري الرابع والخامس المدمج عن اتفاقية حقوق الطفل" أمام "لجنة حقوق الطفل في الامم المتحدة" في جنيف المنعقدة في دورتها الـ75 حيث ترأس وفد لبنان الذي ضم ممثلين لوزارات الشؤون الاجتماعية والصحة العامة والتربية والتعليم العالي والعدل والخارجية والمغتربين والعمل، وهي أرفع مشاركة للبنان الذي يتمثل للمرة الاولى بوزير في جلسة مناقشة التقرير مع اللجنة الدولية.
 
وتوقف وزير الشؤون الاجتماعية عند "التحديات والأعباء الجسيمة التي واجهها لبنان نتيجة تداعيات الأزمة السورية وهو قام بواجبه الإنساني كاملا تجاه النازحين السوريين الذين قدموا اليه هربا من الموت، الا ان ذلك إنعكس سلبا على بناه التحتية وإقتصاده الذي لا يمكن ان يتحمل أصلا الأعداد البشرية الهائلة التي دخلته فجأة، سواء على مستوى الإستهلاك أو في سوق العمل، ويخشى ان يتحول ذلك الى عوامل إضطراب مهددة للاستقرار والأمن الإجتماعيين في لبنان".
 
وقال: "لبنان كان ولا يزال متمسكاً بالقيم الإنسانية وهو لم ولن يقصر في أي من التزاماته، وسيبذل مزيداً من الجهود لتحسين اوضاع الاطفال، والقيام بما هو الافضل لسعادتهم ومستقبلهم لان ذلك من حقهم الطبيعي ولانهم يستحقونه، لكن هذه الإرادة يجب ان تتلازم مع القدرة والامكانات لتأتي النتيجة المتوخاة".
 
وناشد المجتمع الدولي "مد يد العون، وتوحيد الجهود لتعزيز إمكانات لبنان، وتمكينه لمتابعة الإضطلاع بدوره تجاه آلاف الاطفال، لانهم أولوية تتقدم على سواها، انهم المرتكز الطبيعي لتهيئة الأجيال المقبلة في أي مجتمع، مضيفا كان أم منكوبا، يسعى الى الرفاه والسعادة ويبحث عن المستقبل الأفضل. الأمل كبير في ان يشكل هذا اللقاء نقطة إنطلاق نحو هذا المستقبل المشرق لأطفال اليوم وشباب الغد: انهم جزء من الحاضر، وكل المستقبل".
 
وكان بو عاصي لفت الى أن "هذه الجلسة تعقد في ظل الظروف والمتغيرات السريعة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع ما ينتج عنها من انعكاسات وتأثيرات على المجتمع اللبناني بشكل عام والأطفال بشكل خاص". وعرض "للخطوات العملية التي أخذها لبنان لحماية الاطفال وخلق بيئة آمنه لهم". وأشار الى أنه أقر العديد من القوانين والانظمة والاستراتيجيات والخطط التنفيذية، ولديه عدد لا يستهان به من المؤسسات الحكومية والاهلية المعنية بالطفل".
 
وتوقف عند دور المجلس الأعلى للطفولة "الذي يقوم بتنسيق الجهود المبذولة من جميع الوزارات والجمعيات الاهلية والدولية في كل ما يتعلق بالاطفال، لا سيما الحق في الحياة، والبيئة الاسرية الآمنة، والتنمية... والسعي لتوفير الاجواء المناسبة التي تصون حق الاطفال في البقاء والنماء، مع ما يستوجب ذلك من العمل على توحيد الجهود لتوفير الخدمات الصحية وفرص التعليم النوعي، وبناء القدرات للتمكين المهني والمشاركة الفعالة في القضايا العامة، والتمتع بالحماية من العنف والإيذاء والاستغلال".
 
ونوّه "بالتزام لبنان أحكام الاتفاقيات الدولية لاسيما تلك المتعلقة بحقوق الانسان، ويظهر ذلك جليا في القانون الذي أقره مجلس النواب نهاية عام 2016، والمتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان ولجنة الوقاية من التعذيب، وكذلك إستحداث حقائب وزارية تعنى بحقوق الانسان وأُخرى بشؤون النازحين وثالثة بشؤون المرأة".
 
في المجال التربوي، لفت الى أن "المدارس الرسمية تؤمن حاليا فرص التعليم المجاني لحوالى 204 الف طفل لبناني بين مرحلة الروضة وحتى الصف التاسع الاساسي، في حين ترتفع معدلات التحاق الأطفال السوريين الوافدين بسبب الازمة السورية الى المدارس الرسمية من 27 ألفا خلال العام الدراسي 2011 -2012 الى 150 ألفا خلال العام الدراسي 2015 - 2016، الى 197 ألفا خلال العام الدراسي الحالي".
 
أضاف: "استجابة للاعداد المتنامية، تم خلال العام الدراسي اختيار 314 مدرسة رسمية لتعليم النازحين خلال دوام بعد الظهر، اضافة الى المدارس الرسمية التي تستقبل اعدادا كبيرة في الدوام الصباحي بحسب القدرة الاستيعابية فيها. اضف الى ذلك التحاق حوالى 50 الف طفل سوري في المدارس الخاصة المجانية وغير المجانية، لترتفع نسبة الملتحقين بالتعليم النظامي من الاطفال السوريين الى 50% من الذين هم في سن التعليم العام، او ما يزيد عن 70 % من الذين هم في سن التعليم الالزامي. ويشمل حق التعليم في المدارس الرسمية تأمين فرص التعليم النوعي المجاني، مع ما يستوجب ذلك من الاعفاء من رسوم التسجيل وتأمين الكتب المدرسية المجانية والقرطاسية. وتستكمل وزارة التربية والتعليم العالي من خلال استراتيجية توفير التعليم لجميع الاطفال التي تم تحديثها عام 2016 بالتنسيق مع ممثلين عن منظمات الامم المتحدة والدول المانحة".
 
وتحدث عن "تنظيم التعليم غير النظامي وخلق فرص تعليم اضافية لتمكين الطفل وتهيئته اكاديميا، تمهيدا لدمجه لاحقا في التعليم النظامي. وقد جرى في هذا الاطار وضع قواعد موحدة لتنظيم التعليم غير النظامي، واعداد البرامج الخاصة بتعليم مرحلة الطفولة المبكرة، وبرامج التعليم المكثف، اما برامج محو الامية الرقمية والحرفية (BLN) وبرامج التدريب المهني والتقني، فهي قيد التحضير".
 
وفي المجال الصحي، أعلن أن "الجهود تركزت لتوفير الدعم الصحي لجميع الاطفال اللبنانيين وغير اللبنانيين، بحيث جميعهم من خدمات الرعاية الصحية الاولية بواسطة "الشبكة الوطنية لمراكز الرعاية الصحية الأولية" التابعة لوزارة الصحة العامة. كما تقوم الوزارة المذكورة بتنفيذ مجموعة من البرامج الوطنية الصحية "كالبرنامج الوطني للتحصين الشامل"، الذي يطبق في المدارس ودور الحضانة ومراكز الرعاية الصحية الاولية، وبالشراكة المتينة مع الادارات المحلية والجمعيات الاهلية، لاسيما من خلال الحملات الميدانية وحملات التعقب داخل المنازل. وقد استهدف هذا البرنامج ما يعادل 90% من الاطفال المتواجدين على الاراضي اللبنانية خلال عام 2016".
 
وتابع وزير الشؤون الاجتماعية: "تنفذ وزارة الصحة العامة مشروعا نموذجيا للتغطية الصحية الشاملة، يطال جميع الافراد الذين يصنفون تحت خط الفقر بمن فيهم جميع افراد العائلة لاسيما القاصرين منهم، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ومع مطلع العام 2018، سوف تضاف الى هذا المشروع تغطية تكاليف معالجة المرضى النفسيين من خلال المراكز الثمانية للصحة النفسية -المجتمعية التي تعمل الوزارة على انشائها، ومن خلال قبول إستشفاء المرضى في مستشفيات الأمراض النفسية".
 
وأكد أن "قضية الطفل هي قضية وطنية بإمتياز، تعني جميع القطاعات والوزارات، ووزارة العمل تعمل بدورها على مكافحة عمل الأطفال، في إطار مؤسساتي واداري شامل عبر اللجان المتخصصة، ومنها اللجنة الوطنية للقضاء على عمل الأطفال، التي اعدت وطورت "خطة العمل الوطنية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الاطفال في لبنان بحلول عام 2020"، والملحق الخاص للأطفال العاملين السوريين النازحين، كما أنشأت وزارة العمل بالتعاون مع المنظمات الدولية والجمعيات الاهلية "المراكز الاجتماعية للحد من اسوأ اشكال عمل الأطفال" في مختلف المناطق ووضعت نظام مراقبة عمل الأطفال في لبنان".