عرفت وزارة الإعلام، منذ إنشائها العام 1960، تسميات عديدة. فتحولت من "وزارة الأنباء والإرشاد"، وهو الاسم الذي اعتمدته ست سنوات كاملة في عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وشارل حلو، إلى "وزارة الأنباء" لست سنوات أخرى، قبل أن يتولى الوزير ألبير مخيبر هذه الحقيبة العام 1972 ويصبح اسمها منذ ذلك التاريخ "وزراة الإعلام". ومع تسلم الوزير ملحم الرياشي الوزارة، في الحكومة الأولى لعهد الرئيس ميشال عون، طرح مشروع تحويلها الى "وزارة التواصل و الحوار".

ويعني التواصل والحوار، حسبما توضح مصادر معنيّة، أن مشروع الرياشي يقوم على تحويل الوزارة إلى وزارة تتلقّى شكاوى الناس ومشاكلها، وتعمل على إيجاد الحلول لها. وهي صلاحيّة تتضارب مع صلاحيات "وسيط للجمهورية"، كمنصب مستحدث بالقانون الصادر العام 2004 من دون أن يسلك درب التنفيذ العملي. وستتولّى الوزارة، بحلّتها الجديدة، نقل المشكلة التى تتلقّاها إلى المراجع المعنيّة من أجل حلّها، ما يستوجب تعديلات قانونيّة توسّع صلاحيات الوزارة وربّما "المجلس الوطني للإعلام" أيضاً.

وفي سبيل تحقيق الهدف المنشود، سيتم قريباً إطلاق تطبيق جديد عبر الهواتف الذكية، يتيح  للمواطنين إبلاغ شكاويهم إلى المراجع المختصّة، بحسب ما كشف الوزير ملحم الرياشي لـ"المدن". وفي الشقّ المتعلّق بالحوار، يبدأ عمل الوزارة بعد تعديل هيكليّتها، باستحداث دوائر إداريّة جديدة تهتّم بإدارة حوارات داخلية على الأصعدة السياسية، الدينيّة، الثقافية والرّياضية. وتؤمّن لوازم الحوار الأساسية وبرنامجه، مستفيدة من التجربة السويسريّة في هذا المجال، والقائمة على تحاشي التّدخل في مكوّناته وتفاصيله.

تملك الوزارة حاليّاً البنية التحتيّة للعمل على هذا المشروع. وستبدأ بتجهيز دوائر مختصّة يعمل فيها مترجمون ومسؤولون في العلاقات العامة، إضافة إلى قسم منظّمي منتديات الحوار. علماً أن الحوارات لن تقتصر على الشقّ  الداخلي، إذ سيعمل الفريق على استقطاب البلدان الراغبة في الحوار في ما بينها، إلى لبنانن باستثناء اسرائيل. وبذلك تستعيد بيروت دورها التاريخيّ الطبيعي كمركز للحوار ولقاء الحضارات والأديان والثقافات والسياسات.

يتوقّف نجاح الوزارة بحلّتها الجديدة في جانب منه على مدى توفّر الكفاءة التقنيّة اللازمة لدى العاملين فيها، وتطوّر البيئة الذكية. ومن الضروري في هذا السياق، توفير التطور الرّقمي اللازم وتفعيل سرعة الإنترنت التي تقع مسؤوليتها على عاتق وزارة الاتصالات. وإن أخذ التطوّر التكنولوجي مجراه، فكيف يتكيّف الموظّفون في الوزارة مع هذه المعطيات، خصوصاً أن معظمهم متقدّم في السن؟

يجيب الرياشي مؤكداً "أنّ في الوزارة موظفين يملكون الكفاءة العالية والقدرة على التفاعل مع المشروع الجديد، لكن للأسف لم تكن لديهم أي مهمّة ولا أي رسالة للعمل عليها، لكن من الآن فصاعداً، ستكون لجميع الموظفين مهمّات. وكذلك، سيكون للعاملين في تلفزيون لبنان، وإذاعة لبنان، والوكالة الوطنية للإعلام ومديرية الدراسات، دور فعال ومهمّ في الإعلام وفق الرؤية الجديدة".

وعن موازنة هذه الوحدات الإعلامية، يقول الرياشي: "لدى وزارة الإعلام ما يكفي من المال، إذ تبلغ موازنتها 40 مليار ليرة. لماذا ننفق هذا المبلغ على أشياء بلا طعمة، في حين يجب إنفاقه لرفع اسم لبنان عالياً"، مضيفاً: "عندما تصبح الوزارة، وزارة تواصلٍ وحوار، أنا متأكد من أنّها ستكون سياديّة ومن أهمّ الوزارات".

وكان الرّياشي قد أحال مشروع وزارة التواصل والحوار إلى مجلس الوزراء، بين عدد من المشاريع الأخرى، لكن الإرادة السياسيّة تبقى مطلوبة لإنجاز هذا الانتقال "ووضع المشروع على الطريق السريع".