مع أنّ كل مشاريع قانون الانتخابات المتداولة هي من انتاج جبران باسيل، الا أنّ الأخير غاب عن لقاء عين التينة مساء الأحد الماضي والذي كان الفرصة الأخيرة للسير بمبادرة الرئيس نبيه بري الجامعة بين قانون لمجلس النواب وآخر لمجلس الشيوخ. وقد تولى في اليوم الثاني النائب جورج عدوان وضع باسيل في أجواء الجلسة التي انتهت من دون أي تقدم
 

هذه المرة الأولى التي يكون فيها رئيس "التيار الوطني الحر" في الصفوف الخلفية للمفاوضات بعدما كان طوال الفترة الماضية على المنصة الأمامية، حتى حين يكون رئيس الجمهورية ميشال عون على الضفة الثانية من المفاوضات، يكون باسيل هو صاحب الكلمة الفصل في هذا الملف!

لا حاجة للتذكير بأنّ التوتر الذي يسود العلاقة بين الرئيس بري وباسيل، على خلفية السجال حول ملف الكهرباء وكيفية اجراء المناقصة لاستئجار البواخر المولدة للطاقة، هو الذي جعل من امكانية جلوس وزير الخارجية الى طاولة رئيس مجلس النواب صعبة، عدا أنّ العلاقة لم تكن يوماً في أحسن أحوالها وكانت بحاجة دوماً الى الترتيب.

عادة ما كان "حزب الله" يتولى تسوية التباينات بين الحليف وحليف الحليف لضرورات التفاهم الاستراتيجي بين الأطراف الثلاثة، ولكن هذه المرة بقي "الحزب" متفرجاً وترك المهمة للحليف الجديد أي "القوات" للعب دور الوسيط وناقل الرسائل بين الحليف وحليف الحليف.

هذا الاجراء من جانب الضاحية الجنوبية، لا يراه بعض المعنيين الا رسالة واضحة من جانب "حزب الله" بأنّ التصويب على حركة "أمل" من جانب "التيار الوطني الحر" هو "خطيئة" لا يقبل بها "حزب الله" لأنّ المس بالعلاقة الشيعية - الشيعية على دقتها، خط أحمر لا يجوز تجاوزه، لا بل ان المسألة تكاد تكون أقرب الى المحرمات.

هكذا، يبدو أن كوب الاعتراضات من جانب "حزب الله" على أداء الحليف العوني خلال الفترة الأخيرة، بدأ يظهر للعيان، خصوصاً وأنّ قيادات حزبية حليفة لباسيل لم تعد تخف انزعاجها وملاحظاتها على الكثير من "السقطات" سواء الكلامية أو في التصرفات التي يقوم بها وزير الخارجية.

بهذا المعنى، يقول المطلعون إن الحلفاء الأقربين من "التيار" هم الأكثر انزعاجاً وتململاً من أداء رئيس "التيار الوطني الحر"، لا بل مصدومون لاعتقادهم أنهم "بيّ العهد" و"أمه"، واذ بهم يشعرون بالصدمة من جراء تطورات لم تكن في الحسبان، خصوصاً وأنها تأتي في زمن اقليمي دقيق جداً من الصعب الجزم بأحداثه وبمساره.

ولهذا يؤكد هؤلاء أنّ الخشية من تطور دراماتيكي للأحداث الاقليمية هي التي تشغل بال "حزب الله" في هذه الفترة، وتراه يسعى الى تفاهم داخلي حتى لو لم يكسبه أي مكسب، بينما كان الرهان على الحلفاء بأن يبذلوا مجهوداً أكبر كي يحسنوا وضعية هذا الحلف في التوازن الداخلي بكليته، وليس بجزئيته البرتقالية فقط.

ويجزم هؤلاء بأن كلاماً بات يسمع على ألسنة بعض حلفاء "التيار" من نوع: "لو كنا نعلم..." والتي لها رمزيتها البالغة جداً وشيفرتها التي ستؤثر بطبيعة الحال على مستقبل العلاقة!