اشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني الى انه كلفت بمهمة أولى أهدافها المشاركة في بناء دولة المؤسسات، وثانيها الوصول الى وضع اجتماعي انساني اقتصادي مستقر في لبنان لنعيش فيه بهناء مع اولادنا وفي الأجيال القادمة. وكان لي الحظ ان أكون وزيرا للصحة علما ان هذه الوزارة لم تكن في اعلى سلم الاولويات عند الكثيرين، لما فيها من تحديات ومشاكل تاريخية ليس فقط كوزارة للصحة العامة للبنان ولكن حقائب الصحة في كل دول العالم هي الأكثر تعقيدا من جهة، ومن جهة اخرى الأكثر تأثيرا على السياسات العامة للدول وايضا الأكثر تأثرا بالسياسات العامة.
وخلال ندوة علمية طبية تحت عنوان "كليتك ما بتحمل وزنك"، لفت الى ان "الصحة العامة هي ان يكون للمواطن جسد وعقل سليم يعطيانه القدرة ان يكون فعالا في مجتمعه. ان الصحة العامة ليست محصورة فقط بالاستشفاء او بالدواء او التغطية الصحية وآلياتها انما هي نمط حياة وجسد متكامل لمواطن متكامل يمكن ان يمارس مواطنيته بشكل كامل وفعال، هذا هو الدور الذي يجب ان نرتقي به في وزارة الصحة العامة في لبنان من اجل المساهمة في بناء مجتمع سليم، ناجح وفعال".
وأوضح "اننا نناقش اليوم موضوعا مهما الا وهو موضوع البدانة بأمراض الكلى وغيرها من الأمراض، وهي اما تكون لأسباب صحية او بسبب نمط الحياة. للوصول الى المرتجى من الصحة المتكاملة في هذا المجال علينا ان نبدأ بالتوعية على مخاطر الأمراض وأثرها على نمط الحياة، وعلى مسبباتها. وهذه الأمراض لها كلفة اجتماعية واقتصادية كبيرة على الوطن، كما لها تكلفة انسانية وشخصية على المريض وعائلته. يستثمر في الانسان الملايين اما من قبل الدولة او عائلته او مجتمعه لكي يصبح ناضجا، فيدمر هذا الاستثمار بنمط حياة غير صحي يؤدي به الى موقع غير منتج، لذلك على كل المجتمع ان يتشارك في التوعية من هذه المخاطر".
ولفت حاصباني الى ان وزارة الصحة العامة "حريصة دائما على برامج التوعية اولا، ومن ثم البرامج التي تساهم في الكشف المبكر عن الأمراض من اجل تفادي تفاقمها ووصولها الى حالة تتطلب علاجات استشفائية تكلفتها ضخمة على كل الصعد الانسانية والاقتصادية والاجتماعية".
واكد "اننا نشجع القطاع الاستشفائي الخاص اضافة الى الدور المباشر للجمعيات الخيرية والطبية ونتعاون معهم بهدف التوجيه والدعم وأحيانا من حيث التمويل. والمرحلة الثالثة هي العلاج والاستشفاء. ان الأرقام تشير الى ان 10% من اللبنانيين مصابين بأمراض الكلى، و3500 مريض يغسلون الكلى منهم 1747 على نفقة الوزارة. وهذه النسبة تحتل المرتبة الرابعة بعد أمراض القلب والشرايين والرئة والسرطان. وأولوياتنا في وزارة الصحة ان نهتم بعلاج هؤلاء الاشخاص على نفقتنا، ونتابع هذا العلاج لمن ليس منتسبا الى الضمان الاجتماعي، او مؤمنا وليس له القدرة المادية للاستشفاء، اضافة الى اعطاء الأدوية لمعالجة الأمراض المزمنة. كما نعمل بشكل دؤوب على خفض أسعار الأدوية معتمدين بذلك على برنامج تسعير يأخذ في الاعتبار الأسعار في بلدان عدة، ويتم تحديدها بناء على المستوى الادنى للاسعار الدولية. طبعا، بعض الدول تدعم صناعة الدواء فيها، واخرى اسواقها الاستهلاكية كبيرة جدا بحيث يمكنها تقليص الكلفة والاسعار، وهذا الامر نأخذه ايضا في الاعتبار في تسعيرة الدواء عندنا، ومستمرون في شكل دائم في اعادة النظر في الأسعار من اجل تخفيضها. نعرف ان بعض الجمعيات والمؤسسات تأخذ على عاتقها تأمين الدواء للأشخاص الذين تهتم بهم، ولكن انا اؤكد لكم ان وزارة الصحة اليوم هي وزارة كل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والجغرافية لأن هذا هو ما نؤمن به".
وأشار الى "ان هدف القطاع الصحي هو تأمين صحة عامة سليمة وجيدة للمواطن اللبناني، ومساعدته على الا يصل الى مرحلة يحتاج بها الى الاستشفاء، وهذا يكون من خلال برامج التوعية وتنظيم هذا القطاع بشكل فعال. في تقرير صدر عن "بلومبرغ"، صنف لبنان في المرتبة الاولى في العالم العربي من حيث نوعية وجودة الخدمات الصحية فيه. لبنان اليوم من الدول المتقدمة ضمن لائحة منظمة الصحة العالمية، لما استطاع بعمل دؤوب عبر وزارة الصحة العامة من تأمين الصحة العامة الاساسية للسكان كافة وعلى كل الاراضي اللبنانية، بمن فيهم من نزح اليه بأعداد كبيرة. لبنان اليوم وعلى مدى السنوات الـ 15 الماضية، هو خال من مرض شلل الأطفال على سبيل المثال. فوزارة الصحة العامة بالتعاون مع الجمعيات والمنظمات الدولية تقوم بتلقيح جميع من هم على الأراضي ومن يدخلها، وبحملات التوعية والكشف المبكر على الأمراض المزمنة وامراض السرطان، ونحن نتجه اليوم اكثر فأكثر نحو تغطية شاملة لهذه البرامج كي تشمل الفحوصات الطبية لتفادي الأمراض وبالتالي الاستشفاء المكلف. وبهذا سنتمكن في المستقبل من الحصول على تغطية شاملة للمواطنين كافة بتكلفة محدودة من زيادة الاعباء على خزينة الدولة".