تمهيد: بعد كل ما نُشر وكُتب وقيل من اتهامات وأقاويل وفضائح تطال صفقة بواخر الكهرباء المشبوهة والمُشينة في آنٍ واحد، لم يُعلّق رئيس الجمهورية بكلمة أو إشارة أو تعليق. ومع أنّ العهد عهدُ إصلاحٍ وتغيير وشفافية، وقوّة وجبروت على المتطاولين واللصوص! ورحمة ولين على الضعفاء والفقراء والمحرومين (هذا بعد غياب إمام المحرومين)! فلم نسمع أنّ رئيس الجمهورية استدعى الوزير أبي خليل ليستوضحه مآل أمور الطاقة الكهربائية وأهوالها، ومن ثمّ يخرج على المواطنين بما يُطمئنهم ويدفع عنهم غائلة النهب والسرقة والسّمسرة وهدر المال العام وما إلى ذلك، بل ترك الأمور بيد الوزير الخارق جبران باسيل.
أولاً: نصائح قديمة جديدة...

 


فخامة الرئيس: بما أنّنا لا نملك سوى النصائح، فلا بُد من توجيهها، لعلّ وعسى تُؤتي أُكُلها ، فقديماً تداول الحكماء والعارفون أقوالاً مألوفة ومعروفة عن فساد البطانة وخيانة الثُّقاة، فقد نُقل عن الأحنف بن قيس قوله: من فسُدت بطانتُه كان كمن غصّ بالماء، ومن غصّ بالماء فلا مساغ له، ومن خانهُ ثقاتُه فقد أُتي من مأمنه. وبما أنّهُ أُشيع بأنّك أبٌ للجميع، فمن واجبنا أن نلفت النظر إلى أنّ إبناً عاقّاً ويشغل وزارة الطاقة،قد خرج على كل الأعراف والقوانين ،ويُصرّ على تكليف موازنة الدولة ما لا تطيق، ولم يرتدع بكل التحذيرات، وآخرها صيحة نائب رئيس الحكومة، ورقم الهدر والسمسرة البالغ ثمانماية مليون دولار لم يترك عند أحدٍ شكاً                         .                       أو ريبة في ضخامة المخالفة وهولها، وكان الخليفة عمر بن الخطاب قد مرّ أمام بنيان يُبنى بآجرّ وجصّ؛ فقال: لمن هذا؟ قيل: لعاملك على البحرين.فقال: أبت الدراهم إلاّ أن تُخرج أعناقها، فأرسل إليه وشاطرهُ ماله.
ثانياً: عزل وزير الطاقة أمرٌ واجب ومُلحّ.

إقرأ أيضا : نائب رئيس الحكومة ينال من هيبة حكومة إعادة الثقّة

ما الذي يمنع الرئيس " الإصلاحي" من عزل وزير الطاقة، بدل أن ينبري القائم بأعمال رئاسة الجمهورية الوزير باسيل بالدفاع عنه، وتوعُّد مُعارضيه، فقد عزل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري عن البصرة وشاطره ماله (أي صادر نصف ما يملك لصالح بيت المال) ، وعزل أبا هريرة عن البحرين وشاطره ماله، وعزل الحارث بن كعب بن وهب وشاطره ماله، وكتب إلى عمرو بن العاص: فإنّه بلغني أنّه فشت لك فاشية من خيلٍ وإبلٍ وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، فاكتب إليّ من أين أصلُ هذا المال ولا تكتمه، ثم بعث إليه محمد ابن مسلمة فشاطره ماله، وتوجّه إلى عماله قائلاً: أيها الرهط الأمراء :جلستم على عيون المال، لم يعوزكم عُذر، تجمعون لأبنائكم، وتُمهّدون لأنفسكم، أمّا إنّكم تجمعون العار، وتُورّثون النار.
قد يقول قائل ومُعترض: وهل رئيس الجمهورية مضطر أن يقتدي بسيرة 
إمامٍ عادل صعب المراس كعمر بن الخطاب، وربما لم يسمع به، ولا قرأ عنه، ولا أخبره أحدٌ من معاونيه عنه، ونقول :نعم وربما، ولكن ها هنا من يُخبر ويُنبّه، وذكّر إن نفعت الذكرى، والتّشبُه بالكرام فلاحُ.