انتبه لخطواتك، قد تكون ماراً في إحدى الشوارع اللبنانية، ولكن لا تعلم أنّها قد تكون رحلتك الأخيرة، ربما ستتلقى رصاصة من حيث لا تدري، أو طعنة سكين تخرق جسدك دون سبب، ويكون موتك سهلاً، والسبب أكثر من تافه
 

إتنبه لخطواتك، لكلماتك، لردات فعلك، حاول أن لا تخرج من منزلك كثيراً فربما تكون ضحية قاتل قرر بغضبه إنهاء حياتك بكل سهولة، والوسيلة بسيطة رصاصة من مسدس غير شرعي أو سكين.
مسرحياتُ الموت في لبنان لا تنتهي وبطولتها "زعران الطرقات"، والتمثيل حقيقة والحقيقة كانت الموت، أما المشاهد فكان الإهمال المصفق لرصاص "الزعران".
أتذكرون الضحية جورج الريف الذي تلقى 17 طعنة على يد طارق يتيم في منطقة الجميزة - الصيفي عام 2015، وسط جريمة مروعة لم تستغرق ربما أكثر من 5 دقائق، في مشهدِ طعنٍ بالسكين دون رحمة، وركلٍ بالأرجل وضربٍ مبرح، وتعذيب جسدي ونفسي جرّد الضحية جورج من كرامته في بلدٍ ما عاد يسأل عن حقه، والسبب تمرد القاتل لأسبابٍ تافهة، أما النتيجة كانت موت جورج والجميع شاهد تلك المسرحية، والقاتل أدى دور المجرم بإتقان، لكن جورج لم يختم المسرحية بموته بل مسرحياتٍ كثيرة تلتها.
إقرأ أيضاً: الموت المجاني والسلاح.. هل يتحول المجتمع اللبناني إلى مجتمع مجرم ؟
مسرحيةٌ أخرى وليست قديمة، هي "مسرحيةُ النسكافة" كما سماها البعض، في بلدة قب الياس البقاعية، بطولتها مارك يميّن الذي مثّل جريمته وسط مشادة كلامية مع صاحب عربة القهوة طلال العموري، وأنتهت برصاصة أُطلقت من مسدساً حربياً كان بحوزة مارك، وما إن صدح صوتُ الرصاص إنطفأت حياة طلال العموري وخليل القطان الذي كانت حياته ثمن محاولته تهدئة تلك المشادة الكلامية.
انتهت هذه المسرحية وكانت حياة طلال العموري وخليل القطان أرخص من سعر كوب نسكافة، وبدأت مسرحية جديدة ضحيتها الشابة سارة سليمان (24 عاماً)، على يد القاتل قاسم رفيق المصري الذي يتباهى باستحواذ السلاح على صفحاته الشخصية، ولم يعجبه طلب أحدهم فتح الطريق لتسهيل المرور، ليُطلق الرصاص عشوائياً، متسبّباً بإصابة سارة في رأسها وإنهاء حياتها.
إقرأ أيضاً: لبنان كلّه ضحية السلاح المتفلّت!!
موت سارة جدد الصرخة، أي صرخة البحث عن الأخلاق في شوارع امتلأت سياراتها بالسلاح العشوائي، وسارة ختمت حياتها بوصية لقنت فيها العالم درساً لا يُنسى، ومن على فراش الحياة أحيت بأعضائها أكثر من حياة، وعلّمت الأخلاق لمن استبدلوها بالغضب التافه.
"اعتقلوا زعران الطرقات" عبارة عبرت عن صرخة الشعب اللبناني أمس الإثنين لوقف الفلتان الأمني في الشوارع اللبنانية.
ربما جميعنا يمكن أن نكون سارة أو جورج الريف أو طلال العموري أو خليل القطان وغيرهم من ضحايا السلاح، ربما سنموت برصاصةٍ أو سكين، أو بإهمالٍ أو غضبٍ حقير، حياتُنا أرخص بكثير مما نتوقع طالما أن "زعران الطرقات" لا يجدون من يحاسبهم بل من يصفق لجرائمهم.