في مقارنة بسيطة بين الإنتخابات الفرنسية الأخيرة والإنتخابات في لبنان يتوضح الفرق بين شعب حيّ يريد الحياة وشعب ارتضى لنفسه أن يكون مجرد أداة لدى الزعيم الطائفي أو الحزبي
 

قبل ثلاثة أشهر تقريبًا إنطلقت في فرنسا الحملات الإنتخابية لمرشحي الرئاسة الذين بلغ عددهم خمسة مرشحين، بدأوا السباق إلى قصر الإليزيه على خلفية تطوير الحياة السياسية في البلاد نحو الأفضل وحل أزمات البطالة والإقتصاد والإرهاب ومعالجة الإستحقاقات الخارجية ومن أهمها ما يتصل بالإتحاد الأوروبي وما يمثله هذا الإتحاد بالنسبة لفرنسا وغير ذلك من الإستحقاقات السياسية الأخرى.
وفق هذه العناوين عبر الناخب الفرنسي عن رأيه في الدورة الأولى التي إنتهت بفوز مرشحين اثنين إيمانويل ماركون ومارين لوبان حيث استمرت المنافسة بأطرها القانونية والديمقراطية وعلى خلفية العناوين السياسية والإجتماعية ذاتها التي انطلقت في الدورة الأولى.

إقرأ أيضًا: الإنتخابات الفرنسية في قراءة عربية ديكتاتورية الشعوب الأوروبية وديموقراطية الشعب العربي
وقد خلت هذه الحملات من الحسابات الطائفية والمذهبية والحزبية والمناطقية، ولم يشكُ أحد من سوء التنظيم أو الفوضى، ولم يعترض أحد على النتائح بل احتفل الخاسر مع الرابح.
ثلاثة أشهر كانت كافية لإقامة الحملات الإنتخابية والمناظرات التلفزيونية وإجراء الإنتخابات وإعلان الفائز وانطلق الجميع لبدء العمل لصالح فرنسا.
المشهد الإنتخابي الفرنسي انتشر على صفحات اللبنانيين في مواقع التواصل الإجتماعي الذين أعربوا جميعهم عن إعجابهم بالطريقة التي سارت فيها هذه الإنتخابات التي اتسمت بالشفافية والديمقراطية بأسمى صورها، وأعرب اللبنانيون في نفس الوقت بتهكم وسخرية عن حالنا الإنتخابية في لبنان سواء الإنتخابات الرئاسية التي تم تعطيلها لأكثر من عامين أو الإنتخابات النيابية التي لا تزال مجهولة المصير حتى الساعة.
بين الإنتخابات الفرنسية والانتخابات اللبنانية لا يوجد أوجه للتشابه والفارق كبير جدًا بين الرغبة في تطبيق الدستور والقانون وحفظ الجمهورية كما في فرنسا، وبين الرغبة في التعطيل والمحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية كما في لبنان.

إقرأ أيضًا: حقوق لبنان أم حقوق الطوائف؟
لقد تم تعطيل الإنتخابات الرئاسية لأكثر من عامين على خلفية المحاصصة السياسية والكيدية وقد أدى ذلك إلى شلل عام في المؤسسات الدستورية في البلاد لما يزيد عن العامين، واليوم تعتبر البلاد مهددة بالفراغ على خلفية انتهاء ولاية المجلس النيابي حيث لا إنتخابات وفق القانون المتاح "قانون الستين" ولا اتفاق حتى اللحظة على قانون جديد وكل الخلافات والمناقشات تتمحور حول الحصص الطائفية والحزبية والمناطقية، حيث لا وجود ولا إعتبار للبنان الدولة والوطن والجمهورية.
هذا هو الفرق بين جمهورية فرنسا وجمهورية لبنان، في فرنسا الشعب مشارك أساسي في الحياة السياسية يراقب ويحاسب، في لبنان الزعيم وحده يشارك ويراقب ويحاسب بغياب كامل لإرادة الشعب التي تحولت إلى خدمة الطائفة والزعيم فتحول الشعب إلى مجرد أداة يستخدمها الزعيم كيفما أراد وكيفما يشاء.