أثبتت الإنتخابات الفرنسية وماسبقها قدرة هذه الشعوب على تحمل مسؤولياتها وأنها شعوب تليق بها الحياة فيما نحن العرب كشعوب كتبنا على أنفسنا أن نكون دائما رهينة الحاكم ورهينة الإستبداد والديكتاتور والأمثلة كثيرة
 

على هامش الإنتخابات التي جرت أمس في فرنسا والتي أدت إلى فوز إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا، وبالنظر إلى المشهد الإنتخابي وما سبقه وما تلاه، نلاحظ نحن كعرب وطأة التسلّط والتحكّم المطلق للشعب، حيث يمارس هذا الشعب سلطته على الحاكم فيوليه متى يشاء ويقصيه ساعة يريد، ويخضعه دائما لسلطانه ورقابته، ويعزله حسب مقتضيات الحياة السياسية والإجتماعية في البلاد، وربما يلقى به في غياهب السجون إن ثبتت في حقه مخالفة أو جرم أو تقصير خطير تجاه هذا الشعب.
في المقابل ينعم الحاكم العربي بكامل الحرية التي يضمنها ويمنحها له الشعب العربي، فيأتي إلى سدة الحكم بدون معوقات تذكر إلا من حاكم مستبد آخر جاء قبله  وأسقطته المنايا أو دبابات العسكر ، ويبقى في الكرسي ما شاء الله له أن يبقى وعادة ما يحل عليه ملك الموت وهو في سدّة الحكم ، وفي خلال فترة حكمه يتمتع بكامل الصلاحيات ويخول له الشعب اتخاذ كل أنواع القرارات ابتداء من أبسط تفاصيل تسيير الشأن العام وصولا للقرارات المصيرية في حياة الأمة.

إقرا أيضا:  من بينها سوريا.. ما هي التحديات التي ستواجه الرئيس الفرنسي الجديد؟

ما حدث في فرنسا يوم أمس وقبل أشهر في الولايات المتحدة الأميركية نلاحظ أن القرار هو للشعوب التي تستطيع حسب الدستور و القانون قول كلمتها كما تشاء وتقتصر علاقتها بالرئيس على الرقابة و المحاسبة، بينما يكون الشعب في الشارع العربي مجرد أداة بيد الحاكم وفي صورة معكوسة تماما عما هي الحال لدى الشعوب الغربية والأوروبية.
فما حصل في فرنسا وما يحصل في الوطن العربي يمثل واقع الاختلاف بين شعوب حيّة وقوية متحضرة ذات حضور وإرادة وعلاقة هذه الشعوب بممثليها في السلطة وبين شعوبنا العربية الجامدة في مكانها منذ زمن طويل، تغيب عنها روح المحاسبة والمبادرة مع الإنصياع التام لرغبة الرئيس والحاكم بحق وبغير حق حتى على حساب حضورها وكرامتها وأمنها السياسي والإجتماعي .

إقرا أيضا: يسار براميل بشار الأسد يندب حظه بعد فوز ماكرون

أثبتت الإنتخابات الفرنسية وماسبقها قدرة هذه الشعوب على تحمل مسؤولياتها وأنها شعوب تليق بها الحياة فيما نحن العرب كشعوب كتبنا على أنفسنا أن نكون دائما رهينة الحاكم ورهينة الإستبداد والديكتاتور والأمثلة كثيرة.
نجح الشاب الثلاثيني الذي وثق بنفسه وفي النظام السياسي في بلده واستغل الهامش المطلق للحريات المتاح للمواطن الغربي ؛ فهم اللعبة واتقنها وتعامل بعمق وحكمة،و فشلت اليمينية المتطرفة لوبين في مسعاها للوصول لقصر الإليزيه والتي بالرغم من شذوذها السياسي والإيديولوجي وجدت لها مساحة ما في وطنها للتعبير عن كيانها ووجودها وطموحها.