القاعدة الشرعية العقلائية تقول : الناس مُسلَّطون على أموالهم .
ومقتضى هذا التسليط المُعطى من الرَّب الدّيَّان أن يتصرف كل امرءٍ في ماله كما يشاء بما لا يضر بالغير, وهذا هو مقتضى المُلكية ومستلزماتها . وبناءً عليه, فإن القوانين التي تفرض على المالك أخذ إذن من السلطات ودفع رسوم إذا أراد التصرف في ماله وأرضه, وتعاقبه إذا تصرف في ماله وأرضه وشيَّد بناءاً من دون إذن السلطات هي قوانين ظالمة وجائرة, والمال الذي تأخذه السلطات من المالك لإعطائه إذن للبناء هو مال حرام ومغصوب . فكيف بنا إذا وصل الأمر إلى حد إعتقال وسجن وإيذاء المالك لأنه تصرف في ماله من دون إذن السلطة التي لا سلطة لها على مال الغير وأملاكه ؟!!
والمصيبة التي تستحق أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون هي أن هذه القوانين الجائرة باتت هي الأساس عندنا وبات يتمسّك بها حتى من يدّعون التدُّين ويعتبرونها هي القوانين الشرعية, وبالتالي يبررون للسلطات إعتداءاتها على المالك إذا لم يأخذ إذنها ويدفع من المال لها ما لا يجب عليه كونه هو المالك وهو حر بالتصرف في ماله بما لا يضر بالغير, بينما قوانين شريعة الله تعالى باتت مهجورة حتى من قبل هؤلاء المدّعين للتدين وأن الإسلام هو منهج حياتهم فكريا وعملياً !!

إقرأ أيضأً: فلنَدُس على إسلامات الشيطان !!


بأي حق تأتي أي سلطة لتهدم داراً لأن مالكه لم يأخذ إذناً من السلطات ليتصرف في ماله وأرضه ؟!
بأي حق تفرض السلطة على المالك أن يدفع مبلغا من المال حتى تعطيه إذناً في التصرف بماله ؟!
بأي حق يوضع في السِّجن من تصرّف في ماله وأرضه من دون إذن السلطات التي أساساً لا سلطة لها بحسب المنطق والشرع والعدل على مال المالك ؟!
بأي حق تأخذ السلطات سيارة من مالكها لأنه لم يدفع لها ما ليس من حقها من رسوم الميكانيك أو غيرها ؟!

إقرأ أيضًا: الدجال الإيراني العظيم يحرق بلادنا!!


ألم يقل الله تعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون .. الكافرون .. الفاسقون, فكيف لمن يدّعي التديُّن أن يبرر لسلطة ما إعتداءاتها على المالك لأنه لم يستأذنها بما ليس من شأنها أن تتدخل به ؟!
بالتأكيد أنه لا بد من تنظيم الأمور, ولكن أن يصل تنظيمها إلى أن نُشَرِّع الظلم والإعتداء على أملاك الغير وحقه في التصرف بماله تحت عنوان التنظيم, فهذا ما يغضب الإله ويحجب الدعاء ويمنع غيث السماء !!
لقد تبدّلت المفاهيم حتى البديهية منها, وصار الحق باطلاً والباطل حقاً . وقد قال النبي (ص) : كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً . يا رسول الله, لقد صرنا نرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً, وبات الظلم عدلاً وحقاً وبات العدل ظلماً واعتداءاً, ونحن ندّعي أننا متدينون, وما نحن إلا منافقين نعرف الحق ونهجره ونعرف الباطل ونتبعه . ولذلك غرقنا في بحار الظلمات التي أهلكت حرثنا والنسل وهدّمت الديار وبات همّنا كيف يتسلّط كل منا على غيره ويفرض عليه أمره, بعد أن صار الظلم عندنا ديناً نُدين الله به !!