يقف التيار العوني وسط ورقتين واتفاقين موقّعين مع طرفي نقيض، ورقة التفاهم مع حزب الله الموقعة في 6 شباط 2006 والتي لا تزال صامدة على الرغم من كل ما تتعرض له من هزات سياسية كبيرة بين فترة وأخرى توشك على الاطاحة بها، وورقة معراب الموقعة مع حزب القوات اللبنانية في 18 كانون الثاني 2016.
الورقة الأولى والتي صمدت كل هذه السنوات ليس بفضل قوة بنودها ولا بفضل حرص الطرفين على حسن تطبيقها، فمن السهولة بمكان نستطيع أن ندرك بأن معظم ما تضمنته الورقة ظلت مجرد حبر على ورق لا تقدم ولا تؤخر، أما سر الاستمرار فيكمن حصرا بحاجة الطرفين احدهما للاخر، الحزب لتأمين غطاء لبناني مسيحي يستمر تحته بممارسة مشروعه الخاص ولو على حساب مشروع قيام الدولة ، والتيار لتحقيق مكاسب سياسية ومواقع داخل السلطة متكئا" على فائض القوة عند الشريك بعيدا" كل البعد عن البنود ومن يبندون.

إقرأ أيضًا: ضمير لبنان ،،، الأعور
في حالة ورقة معراب الوضع مختلف تماما"، فالقوات اللبنانية اليوم هي صاحبة مشروع أوحد تناضل من أجله ويشكل الرافعة الاساسية لمبرر وجودها، والمشكّل الوحيد لخطابها الساسي وهو النهوض بمشروع قيام دولة القانون والمؤسسات وفق دستور الطائف وتطبيقه، مما يعني أن أي انزياح ولو تفصيلي عن هذا المشروع يعني بالنسبة اليها ولجمهورها هو الموت السياسي الحتمي 
ان اداء وزراء القوات الذي يشهد له الخصم قبل الصديق ( انسجام تام بالموضوعات الحياتية بين وزراء القوات ووزراء حزب الله داخل الحكومة )، ليس هو من باب الترف السياسي ولا هو من باب تسجيل النقاط، انما هو نتاج قرار تنظيمي حاسم فضلا عن قناعة شخصية عند الوزراء. 
وعليه فإن التيار العوني برئاسة جبران باسيل، يحاول أن يقارب ورقة معراب بنفس الذهنية التي يقارب بها ورقة التفاهم، وهذا ما لا تستطيع القوات أن تتماشى معه، بالخصوص فيما يتعلق بموضوع الصفقات أو الفساد وقد بدى الامر جليا بملف الكهرباء وما يحكى عن صفقة مشبوهة إصطدمت ليس بوزير الطاقة سيزار أبو خليل المحسوب على جبران باسيل فقط، بل بتيار المستقبل ايضا" المشارك فعليا بالصفقة عبر سمير ضومط المحسوب على رئيس الحكومة سعد الحريري

 إقرأ أيضًا: التيار الوطني الحر أو حزب الرب
تبين بالملموس ان " الاصلاح " عند التيار العوني لا يعدو أكثر من طموح للمشاركة وحجز حصة له بالصفقات والفساد، ليتحول "الاصلاح" عنده الى اعادة تصحيح الخلل بتوزيع الغنائم وليس منعها او حتى رفضها، مما يجعل من القوات اللبنانية في موقع اصلاح الاصلاح، بمعنى الوقوف بوجه الفساد ومنعه من أساسه، فهل سوف يطيح هذا الموقع المتقدم للقوات بورقة معراب؟ الجواب سوف تحمله لنا بواخر الكهرباء.