الفستان الأبيض، البدلة، الصالة، الإستديو، ترتيب السيارات.... كلها تفاصيل تشغل بال كل إثنين تمنيا العيش سوياً.
 وأي زفاف تسبقه تحضيرات عدة، ليأتي اليوم المنتظر، اليوم الذي خطط له كل حبيبين قررا أن يتقاسما الأفراح والأحزان معًا مدى الحياة، فيمحو الحزن والتعب من قلب لا يريد في هذه اللحظة إلا أن يفرح مع من أحب.
 هو يوم الزفاف تختلف تقاليده بين بلد وآخر، وحتى في البلد الواحد تختلف بين منطقة وأخرى، ففي لبنان، الزفاف الكلاسيكي هو السائد في معظم مدنه وبلداته، أما مدينة بعلبك تتميز بعرسها التراثي الذي يستمر ثلاثة أيام متتالية، كتقاليد متوارثة بين الأجيال.

العرس البعلبكي هو العرس الذي يستمر لثلاثة أيام متتالية من الرقص والدبكة والزغاريد، أيامٌ تختلف عادات كل يوم فيها عن الآخر، ولكل يوم سهرة خاصة؛ الأولى "سهرة العيلة"، والثانية "سهرة الحنة وخطف العريس"، والثالثة والأخيرة "سهرة الفرحة الكبرى أي سهرة العمر".

إقرأ أيضًا: في لبنان.. مليون ونصف لاجىء سوري، بينهم 300 ألف إمرأة سورية حامل


 
السهرة الأولى أو"سهرة العيلة" يُدعى اليها الأقارب وبعض الأصدقاء المقربين فقط، وحدها الدبكة البعلبكية تحيي هذا الحفل العائلي مع أغاني النساء القديمة، هي بإختصار سهرة وداع العروسين باعتبارها السهرة الأخيرة التي يمضيانها في منزل العائلة. 
السهرة الثانية، "سهرة الحنة وخطف العريس"، وتكون الليلة ما قبل ليلة الزفاف، وفي بدايتها يكون العروسين منفصلين وكل طرف مع أقاربه وأصدقاءه، وفي هذه الليلة يقدم أهل العروس للضيوف ما يعرف بـ "كبة ‏العروس"، وعند الساعة العاشرة تقريباً يتوجه أهل العريس إلى منزل والد العروس وهم يرقصون "بصدر الحنة"، تليها حلقات الرقص والتصفيق في الساحة قبل أن يصل الصدر والعريس الى مرتبة العروس، وتبدأ حنة العروس مع أغانٍ خُصصت لهذه اللحظة، تلك اللحظة التي تُعد الأروع في حياة العروس تدفعها إلى ذرف دموعها.
 بعدها يقوم أحد الرّجال  بخضِّب إصبع العريس بمعجون "الحِنّاء"، وغالبًا ما يكون خنصر اليد اليُمنى، ثم يتقدّم الشبان بدورهم، الواحد بعد الآخر، يُخضِّبون أصابعهم وسط زغاريد النسوة.
 تنتهي "سهرة الحنة" ويُخطف العروسان إلى منزل صديقين مقربين، فيحيون سهرة وداع العزوبية، وعند الصباح الباكر يعود كل من العروس والعريس إلى منزل أهلهما وسط عراضة، ليتم بعدها ‏حلاقة شعر العريس على وقع أناشيد مخصصة للمناسبة.

إقرأ أيضًا: فوضى وتلوث يصيبان قطاع المياه في لبنان.. شركات غير مرخصة فإحذروا منها!
السهرة الأخيرة، "يوم الزفاف" هو اليوم الأخير، اليوم الذي  ترتدي فيه العروس فستانها الأبيض مودعةً منزل والدها لتنتقل إلى منزل شريك حياتها، ففي هذا اليوم ينشغل أهل العروسين بتقديمهم المائدة التقليدية المؤلفة من الكبسة، والكبة وورق العنب والأهم الصفيحة البعلبكية"، وعند الساعة الرابعة من بعد الظهر تقريبًا، يأتي العريس مع جاهة وزفة بعلبكية ليتوج عروسه ملكة على عرش قلبه وسط حفل زفاف بعلبكي تراثي كان جميع الأهالي بإنتظاره.

 وفي الحفل تتمّ عمليّة "النُّقوط"، أي إعطاء العريس والعروس علنًا كميّة من المال، كلٌ بحسب قدرته وحالته المادّيّة، وهذا المال يُسمّيه بعض النّاس في نواحٍ مختلفة "النُّقطَة".
 وعند إنتهاء حفل الزفاف يذهب العروسان إلى منزلهما وسط عراضة لإتمام ما يُعرف ب"خَلْعِة باب الدار" وهي عبارة عن مبلغ مالي أو قطع ذهبية تُقدِّمها أمّ العريس لِكِنَّتِها الجديدة، بعد ذلك تأخذ العروس عجينة "الخميرة" وتُلصقها على عتبة باب الدّار، ويحملها زوجها إذا كانت قصيرة القامة.
 لم تغير التكنولوجيا تقاليد أهالي منطقة بعلبك التي تتوارثها الأجيال والتي تعطي نكهة خاصة بأهالي هذه المنطقة الذين يتمسكون بأرضهم وعاداتهم وتقاليدهم رغم صعوبة وقسوة الحياة التي يعيشونها، وما أعراسهم إلاّ دليل على كرم وأصالة وإحترام لعادات يعتبرونها مقدسة بالنسبة إليهم.