يشكل محمد بن سلمان نموذجا مختلفا ورائدا في العائلة الملكية السعودية
 

بدا داود الشريان أقلّ قامة ثقافية من قامة ولي ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان وقصر القامة والهامة ليس إعتباراً للهيبة الملكية بقدر ما هي تواضعاً  لتنور أمير قد يكون إستثناءً لا في وسط العائلة الحاكمة بل في وسط المملكة العربية السعودية  وهذا ما أشّر على بروز قيادة واعدة لا تحتاجها العربية السعودية فقط بل الأمّة العربية التي إفتقرت ومنذ زمن لرجالات تاريخية ولقادة يفقهون الحكم وفق معايير دولة لا مزرعة .

إقرأ أيضا : ماذا وراء اتهامات الأمير ابن سلمان لإخوان مصر؟
بدا محمد بن سلمان متمكناً من المملكة في المقابلة التلفزيونية التي أجراها معه الإعلامي والمثقف داود الشريان وفي مواضيع مختلفة أبرزت شخصية جديدة في حقل الحكم وبدرجة تفوّق فيها من خلال توصيف الراهن الزمني للمملكة وعلى المستويات كافة ومن خلال ذهنية معرفية حاضرة وغير غائبة عما يجري في السعودية من تحديات إقتصادية وتنموية وسياسية وقد ساعده على ذلك لغته السهلة وإتقانه لعربية نافذة على الأذن لا متعبة لها إذ لا بداوة زائدة في اللهجة المحكية لأمير سعودي .
يبدو أنّه واعد حاضراً ومستقبلاً لا في تجربة الحكم بل في الإدارة السياسية للنخب السلطوية في العالم العربي والتي وضعتها الظروف المعاصرة داخل الملاحة السعودية ولأسباب كثيرة سهّلت للمملكة فرصة قيادة الوضع العربي طبعاً بما يخدم مصالحها وهذا أحد عيوب الدور السعودي المتمادي في تحصيل مبتغاه من التجمع العربي تحت سقف المملكة .

إقرأ أيضا : خطة محمد بن سلمان للسعودية ما بعد عصر النفط
إن مقابلة المقابلة الخاصة مع محمّد بن سلمان بثناء على الأداء لا يلغي شرعية الإختلاف مع السلوك السياسي السعودي ومع المحتوى المذهبي للمملكة والذي شرّع باب الإرهاب السلفي ودعاه الى التوغل أكثر في البيئات العربية والإسلامية لمصادرة العقل لصالح نص تكفيري وهذا الإختلاف نقطة مشتركة بين سعوديين وغير سعوديين خائفين على مجتمعاتهم من سلطة الإسلام السياسي والتكفيري ويبدو أن رمز الإعتراض من الناحية السعودية على ذلك هو محمّد بن سلمان الذي يغذي المملكة بالمعرفة العلمية لإزالة السموم من أبدانها والتأسيس لمشروع نهضوي يضع المملكة في سياق دولة تكنوقراطية وببعد عربي مستفيد من التنشئة الجديدة للمملكة .

إقرأ أيضا : بالفيديو: ماذا قال ترامب أمام محمد بن سلمان عن الإعلاميين؟
طبعاً هناك صراعات داخل الأطر العائلية وداخل شبكات الحكم في ظل تعدد محاور القوة والقوى في المملكة ومن غير المعروف حتى الآن الى أين ستؤول اليه هذه المواجهة المفتوحة بين  أمراء الحاضر وملوك المستقبل إلاّ أن طبيعة المرحلة تدفع بوجهة نظر محمّد بن سلمان الى الأمام لتجاوز ما تمرّ به المملكة والمنطقة من حسابات كبيرة ترسم خارطة جديدة لا مكان فيها إلاّ للأنظمة التي تستمدّ شرعيتها من شعوبها بعد أن كشف الربيع العربي وهن الأنظمة التي تستمد شرعيتها من عصا الإستبداد ومن الإرتباط بالأطراف الدولية و الإقليمية .
من الجيد أن تسمع خصماً متنوراً إذا كنت خصماً للسعودية أو صديقاً فهيماً إن كنت من أصدقائها وهذا ما يبعث على الإطمئنان لأن الصراع أو التأييد للعاقل الحاكم يسهل أموراً كثيرة في حين أن الجاهل و الأحمق سواء كان في السلطة أو في المعارضة فإنه يعطل الحياة بالنسبة للعدو أو للمحب وهذا ما أصاب واقعنا العربي والإسلامي عندما أبتلينا بحكام كصدام حسين .

إقرأ أيضا : محمد بن سلمان يبحث في واشنطن محاربة داعش وملف إيران
لقد قيل بأن عدواً واعياً لأفضل من صديق جاهل لذا جذبنا حديث ولي ولي العهد السعودي في زمن القحط العربي وفي زمن غياب الحلم بمشروع عربي منقذ يستعيد شريط الذاكرة العربية المثقلة بتضحيات كبيرة تحصيلاً لواقع عربي متقدم يسعف الأمّة مما هي فيه و مما تعاني منه من أمراض سرطانية خبيثة فتكت في العقل العربي وأفرغته من أيّ قيمة إنسانية .  
 في الحياد الموضوعي أجاد محمد بن سلمان وبغض النظر عن بعض المواقف السياسية والتي هي محل جدل وجدال دائمين بين أيّ إثنين يختلفان في الرؤية والهدف .