باتَت صيَغ قانون الإنتخاب وجهة نظر أو حتّى غبَّ الطلب، حيث يُقدّم كل فريق ما عنده من إقتراحات تتناسب مع مصلحته وقدرته على حصد أكبر عدد من المقاعد النيابية.
 

في الدول المتقدّمة، تضع لجنة إختصاصيّين وخبراء، قانونَ الإنتخاب الذي يتناسب مع طبيعة البلد وتركيبته ويُحقّق أفضل نسبة تمثيل، لذلك ليس هناك معيار واحد للقانون الأنسب لأنه يختلف من بلد الى آخر. أما في لبنان، فإنّ السلطة السياسية هي مَن تُحيك القوانين، والتجربة الوحيدة التي خرجت عن المألوف كانت لجنة فؤاد بطرس التي شكّلتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد إنتخابات 2005، فوضعت إقتراحاً لكنّه رُميَ في البحر ولم تتبنّه أيّ من القوى السياسية الرئيسة.

ويبقى الحديثُ عن الإنتخابات النيابية مقترناً بتطورات الأيام المقبلة، لذلك ينتظر الجميع مصير المشاورات السياسية واللقاءات التي تُعقد، وهل ستشهد ولادة قانون جديد أم إنّ «الستين» ما زال «حيّاً يُرزَق».

توازياً مع هذه المعمعة، هناك شقٌّ لوجستي متعلّق بالمهلة التي ستستغرقها وزارة الداخلية والبلديات للتحضير للإنتخابات المقبلة على أساس قانون جديد أو في ظل قانون «الستين»، وهل إنّ مهلة الثلاثة أشهر أو ستة أشهر كافية للتحضير لمعركة كهذه؟

وفي سياق مراقبتها للوضع وجهوزيّتها الدائمة، تؤكد مصادر وزارة الداخلية لـ«الجمهورية» أنّ «الكرة ليست في ملعب الوزارة، بل إنّ المسألة سياسية بحت، ودوائر الوزارة هي على أتمّ الجهوزية لأيّ تطورات، خصوصاً أنها تحضّر للإنتخابات على أساس القانون النافذ، وأيّ تغييرات سيشهدها القانون ستتطلّب تغييراتٍ تواكبها لنحدّد بالتالي المهلة التي سنستغرقها، لأن لا يمكننا إعطاءُ مهلة من دون معرفة القانون».

وفي حال العودة الى «الستين»، تشير المصادر الى «أنّ الأمر يتطلّب مراجعة التحضيرات، من ثمّ مراقبة هل أُدخِلت أيّ تعديلات على القانون، وفي حال لم تطرأ تعديلات، فلن تحتاج الوزارة وقتاً لتكون جاهزة، لأنها أساساً تقوم بواجباتها».

أما السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، فهو عن المهلة التي قد تستغرقها الإستعدادات إذا تمّ إعتماد قانون التأهيل الطائفي على أساس القضاء من ثمّ النسبية، أو في حال الذهاب الى مشروع قريب من «الأرثوذكسي» خصوصاً أنّ لبنان متداخل مذهبياً، وهناك إختلاط كبير في القرى والبلدات بين مختلف المذاهب.

لكنّ المفاجأة هي في تأكيد وزارة الداخلية أنّ «قانوناً مماثلاً لا يحتاج وقتاً طويلاً أو إستعدادات لوجستية كبيرة، لأنّ لوائح الشطب تصدر وتُرسَل الى الأقلام على أساس مذهبي، حيث يُخصّص لكل مذهب في البلدة أو الحي صندوق إقتراع أو أكثر، وبالتالي الأقلام مقسّمة مذهبياً، فيما عملية الفرز هي نفسها، وجمع معدّل الأصوات يتمّ حسب كل طائفة».

أما إذا اعتُمدت النسبية، فإنّها ستدخل للمرة الأولى في تاريخ الإنتخابات اللبنانية، وهذا يحتّم وعياً أكبر من رؤساء الأقلام، خصوصاً إذا تمّ إعتماد الصوت التفضيلي.

لذلك، فإنّ ما يسهّل عملية الفرز، هو أنّ التصويت يكون قد تمّ على أساس لائحة لا مرشحين، وبالتالي فإنّ إحتساب النتيجة سيكون على أساس عدد الأصوات الذي حازته اللائحة، من ثمّ سيُحتسب عدد الأصوات الذي حصده كل مرشّح وفق الصوت التفضيلي، وفي النهاية تجمع نسب الأصوات على صعيد الدائرة، من ثمّ تقسّم وتُحدّد أسماء الفائزين.

تنتظر وزارة الداخلية ومعها جميع اللبنانيين المولود الجديد لتبني على الشيء مقتضاه، وفي هذه الأثناء، تؤكد كلّ الأجهزة الأمنية قدرتها على ضبط أمن العملية الإنتخابية في كل لبنان وإستعدادها لأيّ طارئ، خصوصاً أنّ تحدّياتٍ أكبر مرّت، وعندما يتوافر القرار السياسي يتراجع منسوب التوتر ويصبح ضبطُ المشاغبين أسهل.