تتركّز الأنظار على جرود عرسال. المعركة قد تكون قريبة هناك. في ظلّ رفض فصائل عديدة من المعارضة السورية المسلّحة مغادرة تلك المنطقة إلى الشمال السوري. يصرّ حزب الله على بسط سيطرته الكاملة على الجرود، وبذلك، يكون أخرج المعارضة كلها أو كل من يعتبرهم "شواذاً" عنه في المنطقة الممتدة من ريف دمشق، وتحديداً الزبداني ووادي بردى، إلى ريف حمص. في الأيام الماضية، سيطر حزب الله على جزء أساسي من جرود رنكوس. هذه الجرود تمتد على مساحة واسعة، وتنقسم إلى قسمين، منطقة يطلق عليها إسم سبنا، وأخرى درّة. استطاع الحزب بعد مفاوضات مع لواء القادسية القريب من جبهة النصرة الدخول إلى درّة بعد مفاوضات أدت إلى ما يطلقون عليه مصالحة. وبذلك، يكون الحصار قد أطبق على جيش تحرير الشام، التابع للجيش الحر في منطقة سبنا.

خط الإمداد الإستراتيجي إلى هذه الجرود، كان يمرّ من الزبداني ووادي بردى. وبعد سقوط المنطقتين، دخل الحزب في مفاوضات مع الطرفين. نجحت مع لواء القادسية، فيما جيش تحرير الشام رفض الخروج واصر على البقاء، مرتكزاً إلى ما قد أمنه في السابق من أسلحة، ومواد غذائية وطبية قد تتيح له البقاء لفترة أطول. والآن، بدأت هذه المؤن بالنفاذ. وما قد يسهم في تسريع إنجاز ملف سبنا ومغادرة القوى المسلحة جرود رنكوس، هو سيطرة حزب الله على درّة، وإطباق الحصار أكثر على جيش تحرير الشام. وهناك مفاوضات جارية لأجل الموافقة على المغادرة أو الدخول في معركة، لكنها ستكون خاسرة بالنسبة إلى المعارضة السورية.

وبعيد الانتهاء من تلك المنطقة، فإن الحزب سيوجه قوته إلى جرود عرسال، إذ يصر على انهاء وجود المعارضة المسلّحة في تلك المنطقة. تنقسم الفصائل إلى ثلاثة أقسام في تلك الجرود، الجيش الحر الذي يرفض المغادرة، إلى إدلب ويريد العودة إلى قرى القلمون وإعادة اللاجئين، جبهة فتح الشام أي النصرة التي توافق على المغادرة لكنها تريد تعزيز شروطها، وتنظيم داعش الذي تارة يخلي عدداً من مقاتليه من تلك المنطقة في اتجاه حمص أو البادية، وطوراً يرسل مقاتلين إليها.

حتى الآن، لم تصل المفاوضات بين حزب الله وفصائل الجيش الحر إلى أي نتيجة. بالتالي، فإن الحزب يلوّح بالذهاب إلى معركة، قد تكون خلال الأسابيع المقبلة. أما مع جبهة النصرة، فإن المفاوضات تتقدم حيناً وتتراجع أحياناً، خصوصاً أنها تشتمل على بحث ملف أسرى الحزب لدى الجبهة. وقد لا يكون هناك إمكانية لانهاء هذه المفاوضات بدون انهاء هذا الملف. لكن السؤال الأساسي يبقى عن وضع المنطقة في مرحلة ما بعد خروج المقاتلين والفصائل من تلك المنطقة، وهل سيحاول تنظيم داعش التقدم للسيطرة على تلك البقعة؟

الجواب ليس واضحاً بعد. فإذا أقدم، التنظيم على هذه الخطوة ستكون هناك معركة مباشرة مع الحزب. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنه خلال إطلاق حزب الله معركة القلمون، ضد الجيش الحر والنصرة في العام 2015، دخل تنظيم داعش على خطّ المعركة ضد الفصائل المعارضة. ما أدى إلى تشتيت قواها، بين الجانب الجنوبي والجانب الشمالي للجرود. وكان تحرك التنظيم يهدف إلى التوسع أكثر، والإستفادة من إنشغال الفصائل بالمعارك مع حزب الله ليحقق التنظيم مكاسب كبيرة.

احتمال اندلاع المعركة في تلك المنطقة، يأخذ حيزاَ واسعاً من النقاش لدى المعنيين في لبنان. الجيش اللبناني، يعزز اجراءاته على الحدود، تحسباً لحصول أي خرق من جانب الفصائل المسلّحة في اتجاه الأراضي اللبنانية. وبخلاف المعلومات التي تتحدث عن أن الجيش يستعد للمشاركة في هذه المعركة، تنفي مصادر رفيعة أن يكون للجيش علاقة بمعركة داخل الجرود السورية،. وتؤكد أن الجيش معني بحماية الأراضي اللبنانية. وبالتالي، هو يتخذ وضعيات دفاعية لا هجومية، لمنع أي مقاتل من الإقتراب من الأراضي اللبنانية. والعمليات العسكرية للجيش اللبناني، قد تقتصر على عمليات قصف مركز على تحركات المسلحين وبعض مراكزهم في الجرود، لمنعهم من التقدم في اتجاه لبنان.