يستعيد الزعيم وليد جنبلاط عافيته بعد الإنكفاءة الاخيرة التي فرضتها بعض التسويات على الساحة الداخلية يعود ذلك إلى مستجدات عدة فما هي؟
 

أراح الرئيس نبيه بري حليفه وصديقه الشخصي الأستاذ وليد جنبلاط بعد أن عصفت به أفكار مسيحية يمينية متطرفة استفاقت مجدداً على ضوء الدلال الذي يبديه حزب الله للتيار الوطني الحرّ والذي سهل له الدخول وبقوّة الى الساحة السياسية من الباب الكبير لا من النافذة التي عبرها المسيحيون عنوة  بعد الطائف وبعد إنهزام المشروع الماروني .
أكثر الناس خسارة كان الزعيم وليد جنبلاط في جبل يسهم فيه المسيحيون لو أن هناك تفاهماً كبيراً بين الرؤساء الثلاثة حول قانون الإنتخاب ولكن نزعة الإختلاف أدّت لنتائج إيجابية لصالح الكتلة المهددة في الجبل بعد أن تأكل النسبية من نسبة التمثيل للحزب التقدمي وهذا ما ساعد وليد جنبلاط على الضحك بعد أن قطب حاجبه لفترة كانت حرجة بالنسبة له .

إقرأ أيضًا: حزب الله سلاح غير شرعي
تبين أن المسيحيين ومن خلال الحلف المعمد بالماء المقدس بين الحرّ والقوّات والمدعوم كرهاً من حزب الله قد دفع بالمسيحية السياسية الى الوسط السياسي لتلتقي مباشر بالسنية السياسية والشيعية السياسية بعد أن كانت مصادرة أو تابعة  لكلتا الطائفتين بحكم التوازن الذي أتاحه إتفاق الطائف من جهة والتمزق المسيحي وإنهزام مشروعه من جهة ثانية . وهذا ما يعيق اليوم تفاهم الطبقة السياسية التي فاجأها الوضع المسيحي الجديد المتطرف لصالح منطق طائفي شرس لا يقبل إلاّ بالحصة الكاملة دون مراعاة لأحد من المسيحيين الخارجين عن التحالف بين طرفي الكنيسة السياسية وعدم الأخذ بعين الإعتبار صيغ التعايش التي فرضتها الحروب الداخلية في لبنان في المناطق التي يشترك فيها لبنانيون من طوائف مختلفة .
من هنا برزت معضلة الإختلاف قوية بين أرباب الطبقة السياسية ونسفت إمكانيّات التفاهم إنتظاراً للحظة الحرجة والتي يراهن عليها البعض لإيجاد مخرج للأزمة ويصبح قانون الإنتخاب الممسوك النتائج محصلة عامة لا خاصة تفرض  حالة أوسع من الخيارات التي يريدها الحرّ والقوات لبلوغ مرتبة التمثيل المسيحي المحتكر للنيابة والوزارة ورئاسة الجمهورية والتوظيفات والخدمات التي يراها الآخرون مجالاً للتنوع لا للحصر .
من هنا رصد الكثيرون حركة قطع الطرقات بالشاحنات الكبيرة إضافة الى كونها مطلباً للشركات والسائقين فهي ضغطاً على الحكم الذي وقف عاجزاً عن مواجهة من يشل حركة بلد رغم توعده بحفظ النظام العام ووضع حد للشر المستشري إيماناً منه بقدرة التيّار الوطني الحرّ على تحقيق المعجز عنه حتى في الصلوات.

إقرأ أيضًا: البلد المقطوع ..

ومع ذلك بقيّ التيار الحرّ وحتى الآن صامداً ومدافعاً عن حقوق المسيحيين والموارنة خصوصاً لجهة قانون ينتخبهم ويضعهم في المجلس النيابي كحصة واحدة من شأنها أن تتحكم بهوية رئيس الجمهورية القادم لذا ثمّة من يقول بأن المعركة المفتوحة اليوم بين السياسيين هي على خلفية رئاسة الجمهورية وما الإنتخابات النيابية إلاّ ميزان للأصوات التي ستحدد هوية الرئيس القادم .
إذاً نحن أمام إستحقاق ببعدين كبيرين لا يمكن التعاطي معه بإستخفاف إن كنا ممن يدورون في رحى الطبقة السياسية لأن منطقي الخسارة والربح كبيرين أيضاً من هنا نعذر الزعيم الجنبلاطي عندما ينتابه غم وهم لأن طبيعة القانون الإنتخابي يبرز الأحجام السياسية داخل السلطة ونعذر آخرين يرون في قانون الإنتخاب إمّا مجالاً لدخول الندوة أو قيد معقد ومعيق لدخول الندوة البرلمانية طالما أن المسعى هو لتحسين شروط طائفة الزعيم ليس أكثر من ذلك .
للأسف ينجر اللبنانيون وراء مصالح أفراد تحت وطأة العصبيات الطائفية والمذهبية دون إدراك منهم لحُسن الإختيار لصالحهم العام في التأسيس لمشروعات وطنية بديلة عن الهويات الطائفية التي تستنزف طاقاتهم وتجعلهم مجرد أموات في توابيت جاهزة من صنع زعماء لا يهمهم إلا أرباحهم الهائلة وتأمين فرص السلطة المستمرة لأسرهم وشبكاتهم الضيقة على حساب ناس متحمسين للموت أكثر ممن هم متحمسون للحياة .