تحت عنوان: هل يتحول الصراع الماروني - الشيعي الى حرب صلاحيات؟، كتب غسان ريفي في سفير الشمال: لم يعد خافياً على أحد، أنّ ما تشهده البلاد من عدم توافق على القانون الانتخابي، ناتج عن صراع يتنامى تدريجياً بين الثنائي الماروني (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) وبين الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) حيث يطرح الأول القانون التأهيلي ويتمسّك به، فيما يصرّ الثاني على قانون النسبية الكاملة على أساس الدوائر الكبرى (المحافظات) أو لبنان دائرة إنتخابية واحدة.
 

ولم يعد خافياً أيضاً، أنّ الرئيس سعد الحريري يحاول أن يلعب دور "شيخ الصلح" بين الطّرفين من خلال محاولته تدوير بعض الزوايا وتقريب وجهات النظر، لكن يبدو أنّ اتّساع الهوة بينهما، بدأت تصعّب مهمته، خصوصاً أنّ الحريري في قرارة نفسه، يقف في القانون الانتخابي إلى جانب "الثنائي الشيعي"، بعدما أيقن أنّ "النسبية" من شأنها أن تحد من خسائره في الانتخابات النيابية المقبلة.

لذلك كان الخوف كبيراً جداً، عشيّة إنعقاد جلسة مجلس النوّاب الماضية والمخصّصة لإقرار التمديد الثالث، من أن يؤدّي استخدام "الثنائي الماروني" للعبة الشارع، إلى إستدراج شارع "الثنائي الشيعي" وأن يحصل صدام قد يعرف الطرفان كيف يبدأ، لكن أحداً من اللبنانيين لا يعرف كيف ينتهي، وما قد ينتج عنه من تداعيات كارثية قد تهدّد السلم الأهلي.

وقد جاء استخدام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لصلاحياته التي تمنحه إياها المادة 59 من الدستور، وتقضي بتعطيل عمل مجلس النواب لمدة شهر، لتنزع فتيل فتنة كانت تتربص بكل اللبنانيين، وإن كان ذلك لم ينهِ الأزمة بشكل نهائي، لكنّه أطفأ النار التي كانت تشتعل تحت الرماد.

لذلك فإنّ كلّ الأنظار تتجه إلى جلسة التمديد 15 أيار المقبل، خصوصاً في ظلّ تراجع حظوظ التوافق السياسي على قانون انتخابي جديد، وإمكانية أن يلجأ "الثنائي الماروني" مجدّداً إلى لعبة الشارع، وما يمكن أن ينتج عن ذلك.

لكن ثمّة ما يدور همساً في الأوساط السياسية حول صراع من نوع جديد قد يحصل وبخلفية دستورية بين طرفي النزاع الانتخابي، يتعلّق بتوقيع رئيس الجمهورية لقانون التمديد الثالث الذي من المرجح أن يقرّه مجلس النواب في جلسة 15 أيار، سواء أبصر القانون الانتخابي النور، أم لم يبصر.

تشير المعطيات إلى أنّه في حال أقرّ مجلس النواب قانون التمديد وأرسله بصفة معجّل إلى رئيس الجمهورية، فإنّ ذلك يضع الرئيس ميشال عون أمام خيارين، فإمّا أن يوقّعه، أو أن يردّه في غضون 5 أيّام إلى مجلس النواب الذي من المفترض أن يدعو رئيسه إلى جلسة عاجلة لإقراره مرّة ثانية بالأكثرية المطلقة من عدد مجلس النواب.

هنا يبدأ النقاش الدستوري، لجهة هل أنّ إقرار القانون للمرة الثانية يصبح نافذاً بشكل فوري بمجرّد نشره في الجريدة الرسمية، أم أنّه يحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية مجدّداً.

ينقل نواب عن رئيس المجلس نبيه برّي أنّ القانون بمجرّد إقراره مرة ثانية يصبح نافذاً، ولا يحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية، فيما ترى قيادات ضمن "الثنائي الماروني" أنّ القانون لا يمكن أن يصبح نافذاً من دون توقيع رئيس الجمهورية سواء أقرّ لمرة ثانية أو ثالثة، وهذا أمر يتعلّق بصلاحيات رئاسة الجمهورية التي لا يمكن المسّ بها أو التنازل عنها.

ويخشى مراقبون من أن يؤدّي هذا الاجتهاد المستجد إلى مزيد من الإنقسام بين اللبنانيين، وأن يؤخّر تنفيذ قانون التمديد إلى ما بعد إنقضاء ولاية مجلس النواب، فيقع الجميع في محظور الفراغ الذي يخشاه اللبنانيون، في ظل التلويح الدائم بالمؤتمر التأسيسي.

 

(غسان ريفي - سفير الشمال)