يواجه التيار الوطني الحر وحركة أمل خصوصا تحديا كبيرا ممثلا في إمكانية تعرضهما لعقوبات أميركية جراء علاقتهما مع حزب الله، ويبدو أنهما يتجهان لوضع مسافة مع الحزب تجنّبا لهذا الأمر.
 

تأخذ الطبقة السياسية اللبنانية على محمل الجد المعطيات التي تحدّثت عن خطط تدرس في الكونغرس الأميركي لتوسيع العقوبات المفروضة على حزب الله في لبنان لتطال شرائح لبنانية جديدة من خارج بيئة الحزب المباشرة.

ورغم أن هذه المعطيات مازالت ضبابية إلا أن مصادر تحدثت عن أن العقوبات الجديدة ستشمل شخصيات تابعة لحركة أمل وشخصيات مسيحية تعمل في قطاع الأعمال، وبعضها قريب من التيار الوطني الحر.

ورصد مراقبون سعي أمل التي يتزعمها نبيه بري على ضوء ذلك إلى أخذ مسافة من الحزب بما يفسر سلسلة احتكاكات جرت بين مناصري الطرفين في قرى بجنوب لبنان.

ولاحظت أوساط سياسية لبنانية في الأشهر الأخيرة تقرب الحركة من السعودية ترجم عبر جملة من الخطوات آخرها إرسال ممثل عن أمل وممثل عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى للمشاركة في احتفال أقامته البعثة الدبلوماسية السعودية تكريما للسيد موسى الصدر بحضور شقيقته.

وبدوره يعمل التيار الوطني الحر على تخفيف الرابط الذي يجمعه بحزب الله عبر تكريس تحالفه مع القوات اللبنانية، والسعي باتجاه عقد تحالفات جديدة من داخل الطائفة المارونية، وهذا المسار يهدف إلى تشييد حزام أمان داخلي له تحسّبا لأي تطورات مستقبلية تهزه جراء علاقته المثيرة للجدل بحزب الله.

وشهدت الساحة اللبنانية مؤخرا تقاربا لافتا بين التيار الوطني الحر وحزب الكتائب اللبنانية، ترجم في اصطفاف الطرفين مع القوات للحيلولة دون التمديد لمجلس النواب الحالي، وهذه من المرات النادرة التي تتفق فيها الأطراف الثلاثة على هدف واحد، فلطالما كان هناك صراع محموم بينها على النفوذ داخل البيئة المارونية.

وسجلت في الفترة الأخيرة لقاءات بين التيار الوطني الحر والكتائب كان آخرها اللقاء الذي جمع رئيس التيار البرتقالي جبران باسيل مع أمين الجميل، حيث بحث الطرفان التحديات التي يواجهها لبنان وتعزيز العلاقات الثنائية.

وعقب لقائه بباسيل قال الجميل “إننا بحثنا الوضع العام في لبنان، فهناك تهديدات أمنية في البلد بالإضافة إلى التطورات في الشرق الأوسط حيث لبنان ليس بمعزل عنها”.

وشدد على أن “هناك تخوفات على الصعيد الاقتصادي وما يخيفنا هو العقوبات التي يمكن أن تتخذها واشنطن ضد حزب الله التي ممكن أن تتوسع ويكون لها تأثير خطير على لبنان”.

ورغم أن أمين الجميل غادر الحزب بعد استلام ابنه سامي الجميل الأمانة العامة، إلا أن تأثيره قوي داخل الكتائب، وظهر ذلك في عدة محطات لعل أبرزها حين تعرضت العلاقة بين التيار الوطني الحر والكتائب إلى توتر على خلفية موقف الأخير من ترشح ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية.

ويرى مراقبون أن التقارب بين الكتائب والحر مرده قناعة كل طرف منهما بضرورة خلق تحالف مسيحي صلب لمواجهة التهديدات التي يصفونها بالوجودية، زيادة على ذلك أن التيار يرغب في بلورة تحالفات جديدة تؤمن له القدرة على المناورة سواء داخليا أو خارجيا، والتي ظهرت في إمكانية تعرض شخصيات له لعقوبات أميركية.

وفي خضم سعي حليفي الحزب أمل والتيار إلى إيجاد مخارج يقيهما من العقوبات، تجري في الآن ذاته اتصالات مكثفة بين بيروت وواشنطن للتخفيف من تداعيات تعديل قانون حظر حزب الله، بما لا يؤثر على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلا.

وسجلت في الفترة الأخيرة زيارات لوفود دبلوماسية أميركية، آخرها زيارة وفد من الكونغرس تقدمه رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأميركي رودني فرلينغهيوزن.

وأجرى الوفد، الذي امتدت زيارته من 13 إلى 15 أبريل الجاري، لقاءات مع عدد من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري، ويرجّح مراقبون أن تكون المباحثات شملت مسألة العقوبات.

كما زار الوفد الجامعة الأميركية في بيروت التي اضطرت قبل نحو شهر لدفع مبلغ 700 ألف دولار غرامة لتعاملها مع مؤسسات مرتبطة بحزب الله.