ليس الخلاف بين "التيار الوطني الحر" وحزب الله حول قانون الانتخاب خلافا عابرا. وليس الانقسام الطائفي حول التمديد للمجلس النيابي هو الآخر انقسام يمر مرور الكرام. فالتطورات التي شهدها الأسبوع الماضي أسدلت الستار عن خلافات استراتيجية بين الحلفاء، وبالتحديد حول رؤية كل منهم الى النظام وشكل الدولة الذي يريده، وان كان مختلف الفرقاء يتمسكون على ما يبدو بالنظام الطائفي وتقسيماته ويبتعدون أكثر فأكثر عن "الدولة المدنية" التي لطالما تغنى بها بعضهم، فاكتشف مؤخرا أنّها لا تنسجم مع مفهوم "الديمقراطية العددية"، وبالتحديد مع خططه القريبة والبعيدة المدى.
فلا تمسك حزب الله وحركة "امل" بالنسبيةالكاملة وطموحهما بصياغة قانون انتخاب على اساس لبنان دائرة واحدة، ينطلق من قناعتهما بتبني نظام مدني يشابه الأنظمة في الدول الغربية المتطورة، ولا اصرار "التيار الوطني الحر" على مبدأ "التأهيل الطائفي" يُقارب من قريب أو من بعيد المشروع الذي رفعه رئيسه السابق، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على مدى سنوات طوال. ولعل ما أتى ليزيد الطين بلة تبني الأخير وعبر رئيسه الجديد وزير الخارجيةجبران باسيلمشروع "القوات اللبنانية" الذي لم تنكره يوما أو تخجل به والذي يبدّي المصلحة المسيحية العليا على ما عداها من مصالح. "وهنا يكمن جوهر الخلاف المستجد بين التيار وحزب الله"، على ما تؤكد مصادر تدور في فلك الحزب، متسائلة: "متى أصبح جعجع اقرب الى الرئيس عون منا؟ وكيف اقتنع الوزير باسيل بالمشروع القواتي لا بل تبناه خلال أقل من عام واحد"؟.
ولا تنكر المصادر أن "تمتين العلاقة العونية–القواتية يُقابله بالجهة المقابلة اهتزاز بعلاقة التيار الوطني الحر–حزب الله"، الى حد كاد يوصل الى الطلاق لو سنحت الظروف بالسير بجلسة التمديد للمجلس النيابي من دون أخذ الحزب بعين الاعتبار الخطوط الحمراء التي رسمها العهد الجديد واعتبر اي تعرض لها، كالتعرض المباشر له!
والأرجح أن فشل كل المساعي التي بُذلت في الأشهر الماضية لتقريب وجهات النظر بين "القوات اللبنانية" و"حزب الله"، والتي سعى جاهدا اليه الوزير باسيل، أثّر سلبا، وبحسب المصادر، على التحالف بين بعبدا والضاحية الجنوبية لبيروت، "خاصة في ظل اعتبار الحزب جعجع عنصرا يسعى لتخريب هذا التحالف تمهيدا لنسفه من أساساته، وان كان طرفا التيار والحزب يبذلان جهودا كبيرة لاحتواء الخلافات المتمادية في وجهات النظر لعلمهما بمحاولات جعجع هذه".
ويختبر كل الفرقاء قريبا متانة العلاقات التي تجمعهم وما اذا كانت قوية كفاية لمواجهة تحدي الشهر الذي سيتقرر خلاله مصير قانون الانتخاب ومصيرالمجلس النيابيالحالي. فبالرغم من كل التفاؤل الذي يحاول "التيار الوطني الحر" اشاعته بالأجواء، لجهة الاقتراب من الاتفاق على كل تفاصيل القانون الانتخابي الجديد والذي يعتمد "التأهيل الطائفي" في مرحلة أولى، والنسبية الكاملة في المرحلة اللاحقة، الا أن المصادر تشبّه محاولات التيار هذه بمحاولات سابقة تبين انّها لا تعتمد على أساسات متينة.
وبانتظار انقضاء عطلةعيد الفصحالتي لا يبدو أنّها ستحمل خرقا يُذكر على صعيد القانون العتيد، لا يبدو ان دوائر القصر الجمهوري ستقف مكتوفة الأيدي في الأيام المقبلة، بعدما ارتأى الرئيس عون التقاط الطابة بعدما تركها طويلا في ملعب الفرقاء على أن يكون بعد اليوم مُسَيِّر اللعبة بالكامل!.