أخيراً، رضخت قوى الأمر الواقع الشيعية لإرادة الإصلاحيين الشيعة، بعدما تمّ تجاهل المجتمع الشيعي مدّة أكثر من ست عشرة سنة، من فترة الشغور التي حصلت مع رحيل الإمام آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين. 

حصل التعيين بصورة انتخابات! و رغم الإيجابية الوحيدة التي نحاول خلقها - و هي التوجه لإصلاح الخلل - و مع ذلك تخلل العملية الإنتخابية خروقات و مخالفات قانونية جوهرية، و منها :

أولاً : لم يتم احترام الأصول المفترض اتباعها في العملية الإنتخابية، لجهة الإشهار، و المهل القانونية التي تسبق الإنتخابات.. 
و إن كان الذي حصل هو تعيين و ليس انتخابات!!  فهذا  لا يعني عدم احترام هذه الأصول اطلاقاً، و هذا نظير قاعدة (الميسور)  في الفقه، التي مفادها : لا يسقط الميسور بالمعسور. 

جاء في المادة 11 من النظام الداخلي للمجلس الشيعي : (يدعو الرئيس الناخبين لانتخاب الهيئتين الشرعية و التنفيذية قبل انتهاء مدة ولايتهما بخمسة و أربعين يوماً على الأقل، و خمسة و سبعين يوماً على الأكثر، و يعيّن في الدعوة مكان و زمان الإنتخاب و كافة الأمور المتعلقة بذلك، و موعد الإنتخاب للإجتماع الثاني في حال عدم اكتمال النصاب في الإجتماع الأول. 

تبلغ الدعوة بواسطة النشر و الإعلان في الصحف و خلافها، كما يجري الإعلان عنها على باب مركز كل من المجلس و المحكمة الجعفرية العليا و المفتي الجعفري الممتاز، يمكن الإعلان عنها في لوحة الإعلانات لدى مركز القائمقاميات و المحافظات. 
تتم معاملات الإعلان و النشر قبل موعد الإنتخاب للإجتماع الأول بعشرين يوماً على الأقل). 
فكل هذه الحيثيات لم يتم مراعاتها، بل جرت الإنتخابات بصورة لصوصية سريّة!! 

إقرأ أيضًا: إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي (24): في مواصفات أعضاء الهيئة الشرعية.

ثانياً : كان ينبغي أن يترأس السيد محمد علي الأمين جلسة الإنتخاب، بصفته أكبر أعضاء الهيئة الشرعية سناً، كون موقع الرئاسة شاغراً، و نائب الرئيس الأول شاغر كذلك، وفقاً لتعديل المادة 15 من قانون تنظيم شؤون الطائفة الشيعية رقم 67/72 ، الذي يعتبر أن ولاية نائب الرئيس مدّة ولاية الرئيس، و عليه يجب العمل وفقاً للمادة 16 من القانون السابق بكون المهام لأكبر أعضاء الهيئة الشرعية سناً : ( يقوم نائبا الرئيس الأول ثم الثاني حسب صفتهما بالمهام المنوطة بالرئيس عند التعذر عليه القيام بها، و في حال غياب الرئيس و نائبه الأول يقوم أكبر أعضاء الهيئة الشرعية سناً في مهام الرئاسة).

ثالثاً : حسب ما أفادنا أحد أعضاء الهيئة التنفيذية المنتخبين، فإنّ العملية الإنتخابية حصلت برفع الأيدي؛ في حين أن النصوص واضحة حيال التشديد على كون الإقتراع ينبغي أن يكون بشكل سري، حيث ورد في المادة 19 من قانون تنظيم شؤون الطائفة الشيعية : ( تنتخب الهيئتان الشرعية و التنفيذية مجتمعتَين من بين أعضاء الهيئة التنفيذية أميناً عاماً بالإقتراع السري… ). 
و أما المادة 17 من النظام الداخلي للمجلس تنص : (… يجري هذا الإنتخاب بالإقتراع السري على ثلاث مراحل، الأولى لانتخاب الرئيس، و الثانية لانتخاب النائب الأول و النائب الثاني، و الثالثة لانتخاب الأمين العام)… 


رابعاً : تمّ انتخاب الشيخ عبد الأمير قبلان رئيساً للمجلس الشيعي خلافاً للقوانين الداخلية للمجلس الشيعي، فبمعزل عن تجاوزه الثمانين من عمره، على اعتبار أنه تم تجميد مفاعيل المادة التي تلزم بكون الرئيس دون الخامسة و الستين؛ لكن الشرط الأهم، هو كون المرشح للرئاسة مجتهداً.. وفقاً للمادة 11 من قانون تنظيم شؤون الطائفة الشيعية… 

خامساً : تمّ انتخاب الشيخ علي الخطيب نائباً أول للرئيس، و هو من الأعضاء المعينين في الهيئة الشرعية، و هو ما يخالف روحية القوانين، لجهة اشتراط كون نائب الرئيس الأول من أعضاء الهيئة الشرعية المنتخبين… و مع وجود أعضاء تمّ انتخابهم بصورة قانونية في العام 1975 فلا يجوز اللجوء لاختيار عضو معين !!
 الأعضاء المنتخبون هم : السيد محمد علي الأمين، الشيخ حسن عواد، الشيخ عبد الأمير قبلان، الشيخ خليل شقير. 
 و عليه فيجب أن يكون النائب الأول حصراً من أحد هؤلاء الأربعة، كما في المادة 15 من القانون 67/72 التي تشترط أن يكون نائب الرئيس من الهيئة، و المادة 9 التي تعتبر أعضاء الهيئة منتخبين من مجموعة علماء الدين. 

سادساً : تم انتخاب الدكتور ماهر حسين نائباً ثانياً للرئيس، و هذا مخالف لروحية القوانين أيضاً، كونه معيناً في الهيئة و ليس منتخباً!  فمع وجود أعضاء في الهيئة التنفيذية منتخبين بصورة شرعية لا يجوز انتخاب من تمّ تعيينه بقرار !
و الأعضاء المنتخبون بصورة قانونية في العام 1975 هم : الوزير محسن دلول، النائب عاصم قانصو، الدكتور محمد ياسين، القاضي حسين حمدان، محمد شعيتو، القاضي زيد الزين.

فالمادة 15 من القانون 67/72 تنص على وجوب كون النائب الثاني من أعضاء الهيئة التنفيذية، كما أن المادة 8 من القانون المذكور تعتبر أن عضو الهيئة التنفيذية منتخب من هيئة عامة لا أنه وصل لموقعه بالتعيين!  

إقرأ أيضًا: إصلاحاً للخلل القانوني (23): الهيئات المكوّنة للمجلس الشيعي
سابعاً : تمّ انتخاب بديل عن أمين عام المجلس الشيعي محمد شعيتو، الذي هو الأكثر قانونية في هيكلية المجلس الشيعي حالياً، و النصوص صريحة بكون ولايته هي ولاية الهيئتين الشرعية و التنفيذية، وفقاً للمادة 19 من القانون 67/72 و المعدلة، حيث جاء فيها : (تنتخب الهيئتان الشرعية و التنفيذية من بين أعضاء الهيئة التنفيذية أميناً عاماً بالإقتراع السري، و بالأكثرية النسبية، و تكون مدّة ولايته مدّة ولاية الهيئتين الشرعية و التنفيذية، و تلازمه هذه الصفة فيما يتعلق بهيئات المجلس الثلاث، و تحدد صلاحياته في النظام الداخلي). 
فإن قانون تمديد ولاية الهيئتين الصادر عن المجلس النيابي يمدد للأمين العام ولايته بشكل تلقائي لثلاث سنوات. 

و لا يمكن إقالته إلا بارتكابه مخالفات منصوص عنها في المادة 20 من النظام الداخلي للمجلس الشيعي…


ثامناً : كان يفترض تشكيل لجنة لاستقبال الطعون بالإنتخابات، و هذا حق لا نقاش فيه، و منصوص عليه في المادة 21 من القانون 67/72 : (يمكن الطعن في صحة انتخاب الرئيس و نائبيه من المرشح الخاسر لدى هيئة تؤلّف من المحكمة الشرعية الجعفرية العليا، و من قاضيين أعلى رتبة بين القضاة المدنيين الشيعيين)، و هذا لم يحصل أيضاً.

و تالياً، فإن كامل العملية الإنتخابية، مع حصيلتها، للمواقع الأربعة، للرئيس و نائبيه و للأمين العام… كلها مخالفة للقوانين، و باطلة؛ و ستكون مورداً للطعن.