عندما ترى السلطة السياسية في لبنان تعمل ضدّ إرادة الناس، وفي الغالب، بل دائما ضدّ مصلحتهم، على الصعد كافة، هذا يعني أنها لا تعمل بموجب التكليف المعطى لها من الناس، وخلاف العقد الذي تمّ بينهما، وأنها قد نكثت وخرجت عن الثقة وبالتالي فقدتْ الشرعية الشعبية، وأي عمل تقوم به هو عمل غير شرعي وغير دستوري.
هذا من بديهيات الوصف للسلطة السياسية اللبنانية، المغتصبة لإرادة الناس بدون أي عذر يُبرّر لها ذلك، وإمعانها بهذا الإنحراف السلطوي يتجلّى بشكل يومي بالتعدي على كرامة المواطن حيث لا تعيره أي إهتمام، لا من حيث الإنماء المادي الخدماتي، ولا من حيث الإنماء الإنساني أو الروحي.

إقرأ أيضًا: من يصنع العقل اللبناني؟
هي سلطة غير شرعية بكل تركيباتها لأنها بُنيت على اللاشرعية، فلذا كل متفرعاتها لا شرعية، لماذا لا تعلن الأحزاب المشاركة بالسلطة توصيفا لها غير التوصيف الديمقراطي كي يعرف الناس مَنْ يحكمهم وفي ظل أي نظام سياسي يعيشون، وعلى أساسه يكف اللبناني عن التبجح أمام الانظمة العربية المستبدة، ويمتنع عن تمييز نفسه من بين الشعوب العربية التي رضيَت لنفسها أنظمة مستبدة وتكيّفت معها.
وأي فرقٍ اليوم يمكن أن نتغنى به، بين الأنظمة العربية الرجعية وبين المملكة اللبنانية المحتلّة من قِبَل عصابة سلطوية، قد نخرتْ البنية المؤسساتية وحوّلتها إلى ملكٍ خاص.

إقرأ أيضًا: مَنْ إنتصر , ومَنْ إنهزم ؟
من الآن فصاعدًا فليخرس المنظرون حول الفوارق بيننا وبين الأنظمة العربية، فنحن وإياهم في مركب الإستبداد نفسه، ونعمل بنفس الاليات كما يعملون على تفكيك إنساننا وتسليعه، ولا فرق بيننا وبينهم سوى أننا أكثر وقاحة بإدعاءات فارغة، حيث نتغنى بالديمقراطية والتعددية ونمارس الدكتاتورية والإستبداد، بل أكثر إعترافًا وصراحة نقول هم أفضل على مستوى الإنماء المادي ونتساوى وإياهم بالفشل على مستوى الإنماء الإنساني والروحي.
الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو الإسم فقط، وكل الباقي متشابه بالمطابقة، رئيس مزمن ووزير كذلك ونائب متحجّر منذ مئات السنين، وأولادهم وزوجاتهم وأحفادهم وأصهارهم وإقرباؤهم في الوظائف، أليست هذه هي إشكالياتكم على الأنظمة العربية، على هذا فلبنان مملكة بإمتياز.