لم يعد التنديد والإستنكار كافيًا أمام هول الأعمال الإرهابية التي ضرت مصر يوم أمس فلا بد من تضافر الجهود للجم هذا الإرهاب وتحرير الأمة منه من خلال وضع الآليات المناسبة دوليًا وعربيًا .
 

تعددت الأساليب والموت واحد أنه القتل الذي يجتاح العالم بأسره وفي أربع رياح الأرض، فعلى ضفتي الأطلسي من الولايات المتحدة الأميركية إلى دول أوروبا الغربية إلى روسيا ومحيطها ومن شواطىء البحر المتوسط إلى عمق الشرق الأوسط لتصل إلى تركيا. 
والمناطق الأكثر رواجًا لتجارة الموت تقع ضمن أقطار الوطن العربي، فمن ليبيا إلى اليمن مرورًا بتونس ومصر ولبنان وسوريا والعراق وصولًا إلى البحرين. 
أنه القتل الممنهج سواء بعبوة ناسفة أو حزام ناسف أو سترة ناسفة أو سيارة مفخخة أو براميل متفجرة او سكين مسنونة أو خنجر مسموم، وغالبًا ما يكون الضحايا أبرياء ومن المدنيين في مراكز عملهم او في طريقهم إلى وظائفهم أو في الغالب الأعم في أماكن عبادتهم. 
أنه الإجرام بأبشع صوره بالذبح كما تذبح الشاة أو بتفجير للمباني المكتظة حيث تتطاير الأشلاء وتزهق ارواح بريئة دونما ذنب أو اثم يوجب القتل. فيتحول المكان إلى أثر بعد عين وإلى اطلال وتتناثر الأطراف البشرية في كل زاوية بعد تفجير آثم على يد جماعات إرهابية وتكفيرية خالية من أي مفهوم للحياة ومن أي حس إنساني وأعطت لنفسها حق فرض أحكامها الإجرامية على الناس. 
فهم يقتلون الإنسان بإسم الإنسانية ويفجرون المتدينين في أماكن عبادتهم باسم الدين ويذبحون المسلمين بإسم الإسلام، ويقتلون عباد الله بإسم الله.

إقرأ أيضًا:  
أنهم مجموعات ترسخت في عقولهم وفي قلوبهم وفي أنفسهم ثقافة الإجرام البشع ومفاهيم شاذة للموت ولقتل الحياة في هذه المعمورة وإزالة اثر حضارات الإسلاف على وجه البسيطة دونما روادع أخلاقية ومتفلتة من قيود أي شرائع سماوية او أرضية فتطاولت حتى على الذات الإلهية واعتدت على عدالة الله في أرضه والذى أوحى لرسوله بمحاورة حتى الكافرين بالقول /يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون... ولا أنتم عابدون ما أعبد... ولا أنا عابد ما عبدتم.... لكم دينكم ولي ديني /، أنهم مجموعات لا دين لهم ولا ضمير لديهم ولا أخلاق ولا إنسانية. 
وقد حطت جماعة من هذه الجماعات المجرمة رحالها يوم أمس في مصر يوم أحد الشعانين وهو اليوم الذي يبدأ فيه إحياء ذكرى أسبوع آلام السيد المسيح عليه السلام. 
فقد تم ارتكاب أحد أفظع الجرائم واعنف الهجمات التي تستهدف أقباط مصر قبل ثلاثة أسابيع من الزيارة المقررة للبابا فرنسيس لها. من خلال انفجارين منفصلين وقعا في كل من مدينتي طنطا والإسكندرية. 
وفي حصيلة أولية فقد أوقع الإنفجار الأول 27 قتيلا و 78 جريحًا في كنيسة مار جرجس في طنطا التي تبعد 100 كلم عن العاصمة القاهرة وأسفر الإنفجار الثاني عن 17 قتيلًا و48 جريحًا بينهم رجال من الشرطة المصرية وإستهدف الكنيسة المرقصية في الإسكندرية على البحر المتوسط شمال القاهرة وكان بطريرك الأقباط الأنبا تواضروس الثاني داخل الكنيسة المرقصية عند حصول التفجير لكنه لم يصب بأذى. 
وأعلنت وزارة الصحة المصرية أن حصيلة الضحايا في الإسكندرية تشمل أربعة من رجال الشرطة وإصابة 14 آخرين. 
تعقيبًا على هذين التفجيرين تم إتخاذ جملة خطوات وسلسلة من المواقف المنددة، إذ تم الإعلان عن حال الطوارىء في مصر ثلاثة أشهر والحداد العام لمدة ثلاثة أيام وتعيين مدير جديد للأمن العام في محافظة الغربية التي تعتبر طنطا عاصمتها. 

إقرأ أيضًا: 
وفي المواقف فقد أصدرت مشيخة الأزهر بيانًا منددًا جاء فيه أن /المستهدف من هذا التفجير الإرهابي الجبان هو زعزعة أمن واستقرار مصرنا العزيزة ووحدة الشعب المصري / وأكد على تضامنه مع الكنيسة المصرية. 
مجلس الأمن الدولي ندد بالهجومين ووصفهما بأنهما هجومان إرهابيان شائنان. وكذلك نددت الولايات المتحدة الأميركية في بيان صادر عن سفارتها في القاهرة، وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لأسر الضحايا، والبابا فرنسيس صلى من أجل القتلى والجرحى. 
من جهته تنظيم الدولة الإسلامية داعش تبنى هذا العمل الجبان وأعلن في بيان له أن إثنين من أفراده نفذا تفجيري الكنيستين المصريتين بسترتين ناسفتين وتوعد المسيحين بمزيد من الهجمات. 
من الطبيعي أن هذه الردود والمواقف لا تغني ولا تسمن من جوع وهي غير كافية ولا بد من إتخاذ إجراءات حاسمة وحازمة  للحد من هذا الإنفلات الإرهابي والاجرامي وتشمل تعاون دولي لإتخاذ تدابير أمنية مشددة وتشارك فيها كل دول العالم، ويترافق مع حملة توعية فكرية لتوضيح تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بغية عزل هذه الفئة الضالة المجرمة ومحاصرتها مع حملات مداهمة وعمليات عسكرية للقضاء عليها وإراحة المجتمع الدولي من فسادها وإجرامها قبل أن تتوسع رقعة المفسدون في الأرض وهذا يتطلب تعاون دولي مشترك وإعلان حالة طوارىء في المؤسسات الدينية واستنفار رجال الدين من كافة الطوائف والمذاهب والملل والعمل بجد وإخلاص لإنهاء هذه الظواهر الشاذة الغريبة عن المجتمع البشري.