هل ستأخذ إيران بنصيحة روس؟
 

قال متابع أميركي للأوضاع في بلاده وفي منطقة الشرق الأوسط، كان في أثناء حملة الانتخابات الرئاسية في بلاده ضد المرشح دونالد ترامب رغم انتمائه مثله الى الحزب الجمهوري، قال في رسالة الكترونية قبل أيام قليلة: "أنا سعيد أن أرى ترامب يتصرّف كرجل دولة وتحديداً كرئيس للجمهورية، لكن ذلك لا يعني أن أميركا تستطيع الانخراط في جبهتين عسكريتين أو أكثر في وقت واحد. علماً أنها تمتلك كل المقومات لذلك. لكن الأفضل لها وللاستقرار العالمي أن تكون خطواتها مدروسة. فالأولوية الأولى عندها هي كوريا الشمالية. لكن ذلك لا يمنعها من معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه بعملية محدّدة ومحدودة أو أكثر إذا دعت الحاجة. إلا أن ترامب لم يقرّر بعد استهدافاً مباشراً لإيران سواء عسكرياً أو سياسياً مثل فرض عقوبات جديدة عليها. وهي اشترت أخيراً "منّا" طائرات نقل مدنية بنحو ثلاثين مليار دولار أميركي. وأنا أميل الى الاعتقاد أن قرار استهدافها يرتبط جدياً بالسياسة التي يعتزم انتهاجها حيال روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين. كما أنني أعتقد وبقوة أن تزامن تصريحاته ومواقفه المتشدّدة من كوريا الشمالية والأسد وغيرهما مع زيارة الرئيس الصيني واشنطن ومع المحادثات التي سيجريها قريباً جداً وزير خارجيته ريكس تيلرسون في موسكو كان أمراً متعمّداً. فهو يريد أن تفعل الصين شيئاً ما يوقف كوريا الشمالية عند حدها وهي قادرة، لكنها تمتنع عن ذلك لأن علاقتها التنافسية مع أميركا في مجال التجارة والاستيراد والتصدير وسعر العملة الصينية تحوّلت تنافساً سياسياً في الأشهر الماضية. ولا شيء يمنع تحوّله تنافساً عسكرياً إذا ركب الرئيسان الصيني والأميركي رأسيهما. وهو، أي ترامب، يريد أن يعمل الروس على نحو جدّي ونزيه في آن واحد لإنهاء الحرب في سوريا بتسوية سياسية متفاوض عليها أو للقيام بدوره على هذا الصعيد. ويبدو أنه وإدارته قد أخبرا القيادات العليا في بيجينغ وموسكو بأن أميركا مستعدة للعمل منفردة في المشكلتين المذكورتين أعلاه. وما ردّ الفعل العسكري المحدود في سوريا الأسبوع الماضي إلّا للتأكيد أنها تعني ما تقول. كما أطلعاها على اهتمامهما الكبير بالأزمة – الحرب في أوكرانيا وباحتلال شبه جزيرة القرم، وبإيران وبالقرصنة الالكترونية الروسية داخل أميركا وبسوريا، وبخرق معاهدة الصواريخ الباليستية. ويبدو أن تيلرسون سيكرّر مواقف بلاده من القضايا المذكورة في موسكو". وفي النهاية يقول المتابع نفسه أن على "الإدارة الأميركية أن تقبل حقيقة أساسية هي أن روسيا ليست صديقة لها. لكن الرئيس ترامب سيتابع صمته أو بالأحرى امتناعه عن الانتقاد الهجومي لبوتين لتشجيعه على إعادة تقويم علاقات بلاده بأميركا وعلى التصرّف بودّ أكثر أو بصداقة أكثر من أجل تحسين العلاقات الثنائية. والكونغرس بمجلسيه سيدعم قرار الرئيس إذا قرّر التصرّف بحزم وشدة مع الأسد". وكتب يوم الجمعة الماضي في "النيويورك تايمس" الأميركية الباحث دنيس روس الذي عمل سنوات وسنوات على عملية السلام في الشرق الأوسط، وعلى الموضوع الإيراني، كتب "أن الضربة الصاروخية الأميركية المحدّدة الهدف في سوريا تحمل في طياتها لإيران وكوريا الشمالية نصيحة تفيد أنه من الأفضل لهما أن تأخذا كلام إدارة ترامب بجدية".
هل ستأخذ إيران بنصيحة روس؟
لا أحد يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال. لكن القلق الذي يساور "محور الممانعة"، الذي تناوله "الموقف هذا النهار" يومي السبت والجمعة الماضيين من العودة الى "نقطة الانطلاق" في سوريا، يشير الى أن القيادة الإيرانية تدرس كل التطورات والاحتمالات في ضوء السياسة الأميركية الجديدة أو ربما الجديدة – القديمة التي لم يظن أحد أن ترامب سيعود إليها. ومن قرارات السياسة الجديدة – القديمة الرفض القاطع لإبقاء التواصل الجغرافي بين إيران و"سوريا الأسد" عبر العراق. إذ أن السماح به يعني تمكين إيران من تحويل بعض "إنجازاتها" السورية انتصاراً يجعلها لا تيأس من النجاح في تنفيذ مشروعها الإقليمي المعروف. وما يؤكد ذلك المعلومات المتوافرة لدى طهران ودمشق و"حزب الله" حليف الاثنين المدعّمة بخرائط وصور، وهي تشير الى أن "مانع التواصل" اكتمل وهو انتشار قواعد عسكرية ومراكز ونقاط عسكرية أميركية في الأنبار العراقية بل العراق السنّي امتداداً الى "سوريا غير المفيدة"، وهو قرار استراتيجي لا عودة عنه.
ماذا يعني ذلك إيرانياً وسورياً وعراقياً ولبنانياً وأميركياً؟ وما هي انعكاساته على إسرائيل وقراراتها الإٌقليمية؟