يعتبر التدخل العسكري الاميركي المباشر في سوريا نقطة تحول جديدة في الأزمة السورية سيكون لها امتداداتها وتداعياتها على مسار الأزمة السورية ككل فما هي هذه التداعيات ؟
 

للحروب قواعد وقيود على الأطراف المتحاربة احترامها والإلتزام بها. وأقلها تجنيب المدنيين التعرض لويلات الحرب واهوالها. وهذه القواعد فرضتها التعاليم السماوية فضلا عن القوانين الأرضية. وتتعلق بالجانب الأخلاقي الذي يفرض على المتحاربين العمل بموجبها. 
أما في سوريا وفي مشهد للحروب المشتعلة على كافة أراضيها فإن هذه القواعد والقيود دائما يتم خرقها وتجاوزها. بحيث أن مفردات العمليات العسكرية تتخطى العوامل الإنسانية والأخلاقية لتصل الى درجة سقوط كافة المحرمات. 
إنه القتل والدمار والتهجير والإجرام. بغض النظر عن الوسائل المستخدمة. حتى ولو كان بالسلاح الكيماوي. وفي الغالب فإن المستهدفين هم المدنيين ولا فرق بين الرجال والنساء والشيوخ والأطفال القابعين في قراهم التي من المفترض ان تكون آمنة. 
وأسوأ مظاهر الحرب السورية. أن رئيس النظام السوري بشار الأسد هو من يستهدف شعبه بالموت المحتم. ويرميه بهذا السلاح الخطير والمحرم دوليا وشرعيا وانسانيا. ولو كان في ذلك ارتكاب أفظع المجازر التي لم نجد لها مثيلا سوى عند الرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما قصف القرية الكردية الوادعة والامنة حلبحة بالسلاح الكيماوي وارتكب تلك المجزرة المشهورة وازهق أرواح أكثر من خمسة ألاف إنسان بين طفل وامرأة ورجل خلال ساعات قليلة. 

إقرا أيضا: الرد الأميركي يلقن النظام السوري درساً بعلِم روسيا

هؤلاء المجرمون الذين يرتكبون هذه الفظائع المروعة غالبا ما يفلتون من العقاب /عدا عقاب الآخرة / رغم المواثيق الدولية المحفوظة لدى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والتي تخولها ملاحقة مرتكبي  هذه الأفعال الشنيعة. وسوقهم إلى المحاكم للمثول أمام القضاء وإصدار الأحكام التي تترتب على تجاوزاتهم لمحاذير الانفلات الأخلاقي في حروبهم وارتكابهم لهذه المجازر المروعة بحق المدنيين. خصوصا عندما يجد هؤلاء القتلة من يساندهم ويقف ورائهم ويدافع عنهم في المحافل الدولية. كما تقف روسيا وراء الرئيس السوري بشار الأسد في ارتكاباته الفظيعة بحق شعبه وتدافع عنه وتبرر له جرائمه وآخرها مجزرة خان شيخون حيث استهدف طيران النظام السوري صباح يوم الثلاثاء الماضي هذه البلدة التي تقع في الشمال الغربي لسوريا في ريف ادلب بغارة جوية استخدم خلالها السلاح الكيماوي واوقعت المئات بين قتيل وجريح عدا الخراب والدمار الذي أحدثته في المباني والمرافق العامة في هذه البلدة الوادعة. الأمر الذي استدعى ردود فعل دولية شاجبة لهذا العمل البربري. فمعظم الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا دانت النظام السوري لاستخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين. 

إقرا أيضا: دولة ودويلة في وطن

والإدارة الأميركية دانت الهجوم ووصفته بأنه مشين ولا يمكن العالم المتحضر أن يتجاهله. وقال الناطق باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قلق جدا من هذا العمل الذي لا يمكن تحمله. 
وحمل ترامب مسؤولية تصرفات نظام الأسد إلى ضعف إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وعجزها عن إتخاذ قرار في شأن سوريا. 
حتى إيران وهي حليفة النظام السوري فإنها لم تستطع أن تتحمل التزام الصمت لفترة طويلة أمام هول مجزرة خان شيخون. فدانت الإعتداء الآثم مبرئة نفسها من تبعاته. سيما وأن إيران عانت خلال حربها مع العراق من هجوم مماثل قام به نظام صدام حسين مستهدفا بعض المناطق الإيرانية. 
أما روسيا وفي معرض الدفاع عن النظام السوري فإنها لجأت إلى ذريعة هي في الواقع /عذر أقبح من ذنب / محاولة تبرير القصف الذي قام به النظام بأنه استهداف لمستودع للأسلحة الكيماوية تابع للمعارضة السورية. ومع فرضية صحة هذه الحجة فإن ذلك لا يبرر استهداف المنطقة للتسبب بهذا الحجم من القتلى والجرحى المدنيين. 

إقرا أيضا: تواطؤ إيراني مع روسيا وأميركا.. وحزب الله رأس الحربة

لا شك ان مجزرة خان شيخون تطرح تحديا أمام المجتمع الدولي لجهة إخلال النظام السوري بالتزام تسليمه كل مخزونه من السلاح الكيماوي وفق ما كانت اتفقت عليه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا سابقا. وبالتالي فإنها تستولد تساؤلا. هل أن هذه المجزرة ستمر مرور الكرام دون معاقبة النظام السوري على استخدامه هذا السلاح الخطير. 
ليس في الأفق ما يشير إلى أكثر من الشجب والاستنكار. وإن قامت صواريخ توما هوك الأميركية بقصف المطار الذي انطلقت منه الطائرات السورية محملة بالسلاح الكيماوي لارتكاب مجزرة خان شيخون. إذ أن هذه الضربة الأميركية على مطار الشعيرات العسكري لا يبدو أنها ستغير كثيرا في قواعد اللعبة في سوريا. فالحسابات الأميركية أكبر بكثير من موت بضع مئات من المدنيين السوريين اختناقا بسلاح النظام المحرم دوليا  .