لأن المستوى السياسي في لبنان بات في حال معيبة من الرثاثة والانهيار، أسارع الى مناشدة الرئيس نبيه بري ان يعدّل في قراره ليجعل جلسة المناقشة العامة التي دعا اليها اليوم وغداً الجمعة، تجري وراء ابواب مغلقة لا مباشرة على الهواء، ليس لأن في الهواء من السموم ما يكفينا، بل لأن الرئيس بري هو سيد العارفين بالقول وإذا بُليتم، ومعظم من سيترغلون من المبتلين!
 

ولكي أكون عادلاً اسارع مرة ثانية الى القول، ليتنا سمعنا من بري ومشينا بقصة السلة، التي لم تكن بغرض إملاء الشروط بمقدار ما كانت بغرض الاتفاق في الحقل تلافياً للقتال على البيدر، فمن الواضح جداً ان البيدر السياسي في لبنان تحوّل الآن حلبة للملاكمة والإمساك بالرقاب!
ولست أدري معنى الإفساح في المجال الهوائي للسادة النواب ليجود معظمهم على الناس بالترهات والعراضات والمزاعم، التي ضاق ويضيق بها بري قبل ان يضيق بها اللبنانيون الذين [حرام عليكم] لا يستحقون قصاصاً يمتد على 48 ساعة من الجلد بالحكي الفارغ الذي سيعمّق سرطان الفشل الضارب في البلد بدلاً من التفاهم على الحلول والمخارج المستحيلة!
ولست أصدق ان الرئيس بري يأمل فعلاً في ان تكون المناقشات مادة وحافزاً لدفع الحكومة الى أخذ المبادرة وتلقّف كرة قانون الانتخاب والتفاهم عليه قبل الذهاب الى تمديد تقني و"دقي يا مزيكا"، ذلك ان دود الخل منه وفيه، وهذه الحكومة من غير شر ليست إلا من رحم هذا المجلس الجالس سعيداً في مقاعده، فكيف يكون للمدعى عليه ان يكون مدعياً يطلب عدالة وإنصافاً؟
أولم تخرج الحكومة السعيدة معلنة إتفاق أعضائها الميامين على المشروع الكهربائي الجديد ثم بدأت التصريحات تشرقط على موجات من التوتر العالي، أولم يقرأ الناس تصريحات عجائبية عن ان ما يعلن من قرارات الحكومة يناقض في معظمه الواقع وما جرى ويجري في خلال جلسات الروح القدس؟
صحيح ان واجب الحكومة الأول هو وضع قانون إنتخابي جديد كما يقول بري، وأنه "إذا لم تقم بهذا الواجب، فإن البلد سينفجر وان التقصير في هذا الخصوص لا يعني إلا قيام حركة انقلابية". ولكن من أين [يا ذلّي] سنأتي بالإنقلابات في لبنان، ومن الذي سينقلب على مَن، خصوصاً ان السماء ووكلاءها في لبنان حاضرون ناضرون منذ البداية، لمنع قيام أي حركة تغييرية فكيف بالحديث عن حركة إنقلابية تنقسم عليها الطوائف والمذاهب قبل ان تنقسم الأحزاب والسياسيون، أما الشعوب اللبنانية ففي اليأس والطيش.
لبنان سينفجر وقد يشهد حركة انقلابية يا سيدنا أبو مصطفى، من أين تأتي بهذا المقدار من التفاؤل، أم أنك صدقت فعلاً ان صديقنا محمد قباني حمل إلينا لوثة نروجية منعشة؟!