فيما يلوّح "التيار الوطني الحر" بورقة تفاهم تجمعه قريبا مع "حركة أمل" حول نقاط على الارجح تتعلق بمفاهيم "شفافة" في إدارة الدولة والمؤسسات والسلطة في وقت يرى فيه البعض أنها ستكون خطوة إضافية جديدة للوزير جبران باسيل في كسر الحواجز أمام مساره السياسي الذي لن ينتهي حتما عند عتبة الحقائب الوزارية والنيابة، فإن "القوات اللبنانية" لا تضيّع الوقت أبدا بالعمل بصمت على كسر الحواجز مع "حزب الله" من دون التنازل عن الثوابت. 

الهدف: جبران باسيل وسمير جعجع "يشتغلان" بروية، وكل على "جبهته" الخاصة، لجرف كل ما يعترضهما من معوقات أمام مرحلة آتية حتما ستضعهما على الارجح وجها لوجه. ويربح من يحسن أكثر نسج شبكة تحالفاته من الداخل صوب الخارج. الأمر نفسه ينطبق على الشخصية الشمالية الثالثة الداخلة حكما في عمق اللعبة الرئاسية بعد خمس سنوات ونصف. سليمان فرنجية.
في منتصف كانون الاول الماضي وجّه الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله لأول مرة إشارة ايجابية الى "القوات اللبنانية"، بقوله إنها تمثّل قوة أساسية لها قواعدها وأنه غير منزعج من تفاهم "التيار الوطني الحر" معها. يومها سارعت معراب عبر بعض قيادييها، وبينهم ملحم الرياشي الذي لم يكن قد عيّن وزيرا بعد، الى الردّ التحية بالمثل عبر تأكيد استعداد "القوات" للانفتاح على "حزب الله" ومبادلته بالايجابية نفسها.
بالممارسة لم يعط الطرفان "الكلام الدبلوماسي" المتبادل أكثر من حجمه. فالضاحية لا تزال على موقفها بأن الحدّ الاقصى للعلاقة الثنائية لا يتخطى حدود النقاشات المفتوحة وأحيانا التنسيق في مجلس النواب، إن كان عبر اللجان أو الهيئة العامة، أو في جلسات مجلس الوزراء، حيث غالبا ما تتلاقى المواقف وآخرها في ملف الكهرباء. أما معراب التي تعاطت مع "اعتراف" السيد نصرالله على أساس أنه موقف نوعي وجديد على السمع وقد يفتح الباب أمام بداية تفاعل بين الطرفين من شأنه أن يُستثمر في "القواسم المشتركة" فأنها لم تبادر الى اتخاذ أي خطوة عملية من شأنها أن تفسّر بأنها "مبادرة" لكنها رفضت.
وفيما تبدو نقاط الخلاف الاستراتيجية الصعبة محيّدة تماما عن جدول أعمال "الجَمع"، فإن نقاط التقاء عدّة تفرض نفسها على الطرفين في الملفات الحياتية والمعيشية والمطلبية في وقت يقدّم وزراء الطرفين شهادات "إعجاب" بحق بعضهما البعض.
الرياشي الذي سبق له أن غطّ في الضاحية مشاركا في حفل تكريم "جريدة السفير" الذي دعا اليه "حزب الله"، ما شكّل أول سابقة لتواجد "القوات" في عمق بيئة المقاومة، يؤكد دوما أن هناك تواصل عملي بين نواب ووزراء "القوات" ونواب ووزراء الحزب وبينه أيضا وبين النائب حسن فضل الله رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النيابية، لكن التفاوض غير موجود حتى هذه اللحظة، انما "التواصل الجدي يرتكز على الملفات التي تعنى بالشأن العام".
مؤخرا جرى تواصل مباشر على هامش مجلس الوزراء بين الوزيرين حسين الحاج حسن وملحم الرياشي على خلفية إشكال حصل في بعلبك بين محسوبين على "القوات" والحزب بحيث طلب الاول من وزير الاعلام التدخل لحصول مصالحة وهكذا كان. وقبل أيام أيّد الوزير فنيش موقف الرياشي من مسألة الاملاك البحرية وجرى نقاش بناء بشأنه.
صورة الرياشي في الضاحية الى جانب مسؤولي "حزب الله" التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي أبقت الامور "باردة" بين الطرفين ولم تسهم في رفع خطوط التماس التقليدية القائمة على خط معراب الضاحية. لا تفاوض في الافق. تقول الاوساط القواتية "نعلم ان هناك خلافات استراتيجية كبيرة بيننا لكن لا مانع لدينا إطلاقا من الحوار كونه يشكل مبادرة ايجابية في كل الاوقات". وماذا عن رفض "حزب الله" المزمن للجلوس وجها لوجه مع "القوات" تردّ الاوساط "فليسألوا همّ عن هذا الامر. بالنسبة الينا لا نضع الحواجز أمام أي فريق للتحاور معه".

 

لبيانون فايلز