العالم كله يتغير ودوله تسير بخطى متسارعة نحو التطور والتقدم وأغلب هذه الدول دخلت عصر التكنولوجيا والعلم الحديث والبعض منها طرق أبواب النادي النووي فقط العرب هم الثابت الوحيد في هذا العالم المتغير فهم يعيشون على أمجاد اندثرت وعفى عليها الزمن ويسبحون في بحور من الأحلام والأوهام والآمال  التي لن تتحقق في ظل عقلية تتمسك بمفاهيم القرون الاولى وثقافة العصور الجاهلية. 

والقمة العربية الأخيرة التي انعقدت في الأردن في منطقة البحر الميت وجمعت معظم قادة وزعماء ورؤوساء وملوك الدول العربية لم تختلف عن سابقاتها من القمم المتتالية طوال فترة قاربت السبعين عاما لا شكلا ولا مضمونا ولا في بياناتها الختامية التي تتوج كل قمة بكلام عام وشامل ومطاط. ويعد سلفا قبل انعقادها ويأتي خاليا من أي معنى او هدف ولا يتناول أي قضية من القضايا العربية وأي أزمة او مشكلة من أزمات ومشاكل المنطقة. بل على العكس من ذلك فإن المؤتمرين يتجنبون البحث في أي مسألة خلافية بين دولتين خوفا من توسيع شقة الخلاف فيما بينهم وازدياد منسوب العداوة لبعضهم البعض ما يعني ان ما بعد أي قمة لا يختلف عما قبله في شيء.

وذلك لأن العرب لم يسلكوا ولا يريدون أن يسلكوا طريق الحياة بل يصرون على أن يتسمروا في مكانهم على رصيف الحياة ويعيشون على الهامش وهم يتفرجون على عالم تتسابق دوله لاقتحام ابواب المعرفة والاختراعات ويكتفون فقط بالشجب والتنديد والمناشدة واللجوء إلى المجتمع الدولي لحل قضاياهم ويظهرون عجزهم عن الإمساك بزمام المبادرة. وهم دائما يعملون بردة الفعل وليس بالفعل نفسه. ويقدمون التنازل تلو التنازل حتى باتوا لا يلوون على شيء إلا على عروشهم وكراسيهم مع ما يتطلب ذلك من اضطهاد لشعوبهم وقهرها للحفاظ على أنظمة بالية وما يستدعي ذلك من توسيع للسجون والزنازين التي تضيق بالمعتقلين من المعارضة وذوي الرأي الآخر. 

وعلى هامش القمة الأخيرة عقد لقاء ثلاثي جمع إلى المضيف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي قال أنه تم خلال هذا اللقاء الإتفاق على رسالة سيتم توجيهها إلى الإدارة الأميركية في شأن عملية السلام. وبهذا فإن العرب يستجدون الحل للقضية الفلسطينية التي طواها النسيان من الرئيس الأميركي. 

وكذلك فإن الخلاف بين مصر وإمارة قطر بدا واضحا ومستمرا إذ أنه إضافة إلى عدم حصول أي لقاء بين الرئيس السيسي والأمير تميم بن حمد فالتناقضات بدت جلية في كلمتيهما. 

فالرئيس المصري الذي غادر قاعة المؤتمر مع بدء أمير قطر كلمته فإنه يصر على موقف بلاده الذي يصنف جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية كغيرها من باقي الجماعات الإرهابية فيما يتساءل الأمير تميم هل من الإنصاف اعتبار جماعات سياسية نختلف معها بأنها إرهابية؟ 

وكذلك ظهر الخلاف المصري - القطري بخصوص التعامل مع الوضع الليبي فأمير قطر أكد على دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني. فيما تدعم مصر الجيش الوطني الليبي. 

الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان متسامحا وناصحا لأسرائيل إلى أقصى الحدود إذ نصحها بأنه إذا أرادت أن تكون شريكا في المنطقة عليها أن تتخلى عن الإحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من استقلاله على أرضه وحذرها من تحويل الصراع إلى صراع ديني وكأنه صاحب الكلمة الفصل في مسألة الصراع العربي - الإسرائيلي. 

أما الأمين العام للجامعة العربية فإنه الوحيد الذي وضع الإصبع على الجرح عندما قال أن /عالمنا العربي ليس مؤهلا للدخول في ترتيبات طويلة الأمد تتعلق بنظام الأمن الإقليمي /. 

فالعرب حتى لو أدركوا أن الزمن لم يعد يسير لصالحهم فإنهم عاجزون عن اللحاق بعالم تتسارع خطواته نحو الأفضل. وبالتالي فهم غير جاهزين للاندماج في نظام عالمي جديد أصبح جاهزا للتطبيق وتشكل السياسة واجهته فيما القواعد التي يبني أسسه عليها هي مزيج بين ما هو اقتصادي وما هو إجتماعي وما هو ثقافي بطريقة ثابتة لا تقبل التفكك. فيما العرب ما زالوا متمسكين بالبنية الهشة للدولة القومية. ومنغلقين على تراث عقائدي بشقيه القديم والمعاصر وما زالوا مصرين على اعتماد الأنظمة الشمولية كقاعدة لاستمرار انظمتهم رغم أن دوي تفكك الاتحاد السوفياتي لم يكن بعيدا عنهم وأن أحدا من سياسيي العرب لم يتساءل. 
ما الذي يحدث في العالم ؟