بالرغم من الشروط والقيود التي فرضت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية عند توقيع الاتفاق النووي بينها وبين الدول الغربية الست برئاسة الولايات المتحدة الأميركية في أواخر ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
 

وبالرغم من عدم الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المودعة في البنوك الأميركية منذ أكثر من ثلاثة عقود. إذ أنه حتى اليوم لم يتم الإفراج سوى عن  القليل منها. إلا أن العلاقة بين واشنطن وطهران خلال ولايتي الرئيس أوباما تميزت بالانفراج. وهي الفترة الأكثر تقاربا بين الطرفين والأكثر انفتاحا. وغابت المواقف المتشددة بحيث أزيلت الشعارات الايرانية التي تعتبر أميركا الشيطان الأكبر وتدعو عليها بالموت. وبالمقابل لم تعد إيران في الخطاب الرسمي الأميركي محور الشر في المنطقة. 

إقرأ أيضا : عقوبات أميركية جديدة على حزب الله ستكون الأقسى
فسياسة الانكفاء نحو الداخل التي اعتمدتها إدارة الرئيس أوباما وتراخي قبضتها عن الإمساك بمنطقة الشرق الأوسط وخصوصا في المنطقة العربية سهلت لإيران سلوك طريق ملء الفراغات الأميركية عسكريا وسياسيا في بعض الأقطار العربية واستطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة في سياق مشروعها التوسعي القائم على مبدأ تصدير الثورة إلى خارج الحدود فكان لها حضورا فجا في العراق وسوريا واليمن والبحرين إضافة إلى لبنان. وشاركت من خلال الحرس الثوري الإيراني والتنظيمات والميليشيات التابعة لها في المعارك والحروب التي دارت على أراضي بعض هذه الدول. وعطلت الحياة السياسية فيها وامسكت بمفاصل الحل لأي أزمة في أي من هذه الدول. 
أما مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وفي ظل الإدارة الأميركية الجديدة فالامور اختلفت اختلافا كليا وانقلبت العلاقة الأميركية الإيرانية رأسا على عقب. وعادت إلى سابق عهدها من التوتر والتأزم والاتهامات المتبادلة. وإن لم تصل إلى درجة قرع طبول الحرب والصدام العسكري المسلح بين الطرفين وذلك بعد الاندفاعة الأميركية باتجاه المنطقة العربية لاستعادة الدور الأميركي. وبعد سلسلة من القرارات اتخذتها الإدارة الجديدة ضد إيران بهدف تقزيم دورها وتقليص حضورها السياسي والعسكري في هذه المنطقة. سيما وأن حضور أي من الطرفين على الساحة العربية سيكون على خط الطرف الآخر. 

إقرأ أيضا : وتستمر الثورة .. والياسمين
وفي الأيام القليلة الماضية فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب عقوبات على ثلاثين شخصية ومؤسسة مالية من عشرة دول بينها الصين لاتهامهم بنقل تكنولوجيا حساسة تعزز البرنامج الصاروخي لإيران  وبانتهاك قيود التصدير إليها. وأعلنت الخارجية الأميركية أن هذه المؤسسات والشخصيات يساهمون في نشاط يؤدي إلى تصعيد الصراعات الإقليمية ويشكل تهديدا للأمن الإقليمي. وكانت إدارة ترامب فرضت في شهر شباط الماضي عقوبات على 25 حالة مشابهة في إيران بعد تنفيذها اختبارات على صواريخ باليستية. 

إقرأ أيضا : الأحزاب الدينية فرق شيطانية
أوساط ايرانية ترى أن تشديد العقوبات الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية ضد إيران يصب في مصلحة المحافظين الايرانيين وخصوصا أولئك المتشددين الذين يناهضون حكومة الرئيس حسن روحاني ويعارضون برامجها السياسية والاقتصادية الداعية إلى مزيد من الانفتاح على الواقعين الإقليمي والدولي. 
وترى هذه الأوساط أن العقوبات الأميركية الجديدة سيكون لها تأثير كبير في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة والمرتقبة في 19 أيار القادم لمصلحة التيار المتشدد في إيران ما يعزز برامج الأصوليين بما في ذلك موقفهم المتشدد من الإتفاق النووي والمعارض له. 

إقرأ أيضا : فليرحل أمراء الحرب عن صدورنا
مصادر سياسية محايدة تنبه إلى أن إستمرار واشنطن في انتهاج فرض عقوبات على طهران في هذه المرحلة سيؤدي ذلك إلى تقويض الجدار الهش من العلاقة بين العاصمتين الذي شيدته إدارة أوباما. وبالتالي سيؤدي إلى زعزعة الثقة التي توفرت لدى إبرام الاتفاق النووي. 
إلا أنه ومع ذلك وحسب المعلومات الواردة من العاصمة الإيرانية أنه لدى حكومة روحاني تصورا للمرحلة المقبلة بتجنب التصعيد مع الولايات المتحدة الأميركية. وذلك باستيعاب كافة الضغوط التي تمارس عليها من المتشددين في الداخل الإيراني تجنبا لوقوعها في أي فخ ينصب لها.