جبران باسيل يعتمد اللغة العنصرية بدل الديبلوماسية
 

أولاً: باسيل والخطاب الطائفي والعنصري

نضحت الكلمات التي ألقاها جبران باسيل اليوم في بوابة الجنوب صيدا وضواحيها باللهجة الانعزالية الحاقدة على العرب، لهجة كُنّا قد شارفنا على نسيانها، فالتحريض ضد السوريين يتّسم بالعنصرية والطائفية والاستعلاء والاستقواء، كما تميّزت بالنبرة المتحدّية والمستفزّة لعموم اللبنانيين، ما يعود بذاكرتهم لأيام المشاريع المارونية السياسية التي ورثت مشاريع الوطن القومي المسيحي، من الإصرار على الإمساك بمقاليد السلطة والحُكم، وصولاً للإستعلاء والديكتاتورية، وينطلق باسيل دائماً من نجاحه في إيصال الرئيس عون لسدّة الرئاسة، ويمضي مُتبجّحاً منذ انتخاب عون بأنّه المُخلّص الوحيد للبلد من الفساد والهدر والتّخلُف وإحقاق حقوق المسيحيين، وإرغام المعادين لنهجه وخارطة طريقه وإلهامات سيده في بعبدا (وهم مسلمون بالقسمة الثنائية لا بالصدفة) على الرضوخ والانصياع، كما رضخوا وانصاعوا بعد ثلاثين شهراً على مُمانعتهم انتخاب الجنرال رئيساً، وللأسف يحاول باسيل تقليد الرئيس الراحل بشير الجميل ولهجته الخطابية دون أي نجاحٍ يُذكر، مع مفارقات حادة، وللتذكير، بشير الجميل كان وطنيّاً وعاش وطنيا واستشهد وطنيا، ولم يكن في يوم من الأيام طائفياً، صحيح أنّه حارب بلا هوادة الوجود العسكري الفلسطيني والسوري في لبنان، إلاّ أنّه لم يكن يحمل حقداً دفيناً على المواطنين السوريين وسائر العرب اللاجئين إلى لبنان هرباً من حربٍ أو سعياً وراء رزقٍ فقدوه في بلادهم، وإذا كان من المُجدي البحث في ثنايا تاريخ لبنان الحديث ،فإنّنا نرى في سيرة الرئيس الراحل إميل إده تماثُلاً قريباً من شخصية باسيل وسيرته.

إقرأ أيضا : ضحالة الدبلوماسية اللبنانية

 

 

ثانياً: إميل إده وباسيل

الرئيس الراحل إميل إده بدأ حياته كمحامٍ لامع ،برز في حقل المحاماة في السنوات التي سبقت الحرب الأولى، حتى أنّ بشارة الخوري تدرّج في مكتبه عام ١٩١٢، عُيّن وانتُخب زمن الانتداب غير مرة لرئاسة الحكومة والدولة (١٩٢٩ -١٩٣٠) ، وكان يعكس كخلفه باسيل وجهة نظر المارونية التقليدية المُتزمّتة و الضّيقة، ممّا أثار حفيظة المسلمين بسلوكه الرامي إلى تثبيت طائفية الدولة وترسيخ الولاء للفرنسيين والعداء للعرب، عمل في حقل التربية الوطنية على تعزيز نفوذ البعثات الكاثوليكية الأجنبية، والتي كان المسلمون يعتبرونها إستعماراً ثقافياً يهدف إلى القضاء على معالم التراث العربي في لبنان، وتحدّى إدّه المشاعر العربية (كخلفه باسيل) بتشجيعه الفكرة "الفينيقية" التي دعا إليها صديقه شارل قرم. (راجع كمال صليبي ،تاريخ لبنان الحديث).وراجع أيضا ما جادت به عبقرية باسيل في العاصمة الأميركية منذ أيام بأنّه (حامي حمى المسيحيين) الذين قاوموا داعش منذ مائة عام فمات ثلثهم، وتهجّر ثلثهم عام ١٩١٥ ،وصمد ثلثهم الباقي، والذي يحوطه باسيل برعايته ورعاية "الرئيس القوي" الذي نصّبه على مخلّفات المسيحيين الذين أفلتوا من قبضة داعش قبل مائة عام.

إقرأ أيضا : محاولة أخيرة لتعطيل «نسبية» حزب الله؟
وكان إدّه قد صرح مرة إلى "روم لاندو" الانكليزي بأنّ السوريين واللبنانيين أُمّتين مختلفتين كلّ الاختلاف، وأنّ اللبنانيين (أي الموارنة) هم الجزيرة المسيحية الوحيدة في البحر الإسلامي، وخلال افتتاح الجناح اللبناني في معرض باريس عام ١٩٣٧ ألقى اده خطاباً أشار فيه إلى أنّ اللبنانيين في الأصل يرجعون إلى سلالات شعوب البحر الأبيض المتوسط وأنّهم أحفاد الفينيقيين.(راجع محمد جميل بيهم، قوافل العروبة ومواكبها).
لطالما تفاخر الموارنة منذ ثلاث سنوات، على عتبة انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، بأنّهم لن يقبلوا بعد اليوم إلاّ برئيس "قوي"، وها هو باسيل يعرض عضلاته اليوم في عرين الرئيس بري، بعد أن داهمته الشيخوخة ربما، وربما لحكمة لا يعرفها إلاّ علّام الغيوب، جلّ وعلا.

إقرأ أيضا : زيارة الوزير باسيل إلى واشنطن التفاصيل والإجتماعات