ألقت الحرب السورية المستمرة بظلالها الثقيلة على المدنيين، ونال الأطفال الحصة الأكبر منها، من الصحة، إلى الوضع المعيشي، وليس إنتهاءً بالمنظومة الأخلاقية، ويتربع التعليم على رأس المجالات التي طاولتها آثار الحرب، وتركت جيلًا بأكمله عُرضة للضياع.
مرت سبع سنوات وهناك أطفال لم يدخلوا المدرسة أو إنقطعوا عن الدراسة بسبب ظروف الحرب المستمرة التي قطعت أوصال البلاد، فإلى جانب ما حل بالبنية التحتية والقطاعات الإقتصادية وتوقف الإنتاج وعدد القتلى الذي ناهز النصف مليون ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين، وغياب حل واضح للأزمة في الأفق، فإن مأساة حرمان الأطفال السوريين من التعليم سواء في داخل سوريا أو خارجها شكل مأساة أخرى.
" الجيل الضائع " هو اللقب التي أطلقته صحيفة " لوس أنجلس تايمز الأميريكية " في تقريرها بعد الدراسة التي نشرتها لجنة الإنقاذ الدولية مؤخرًا ذكرت أن حوالي 1.75 مليون طفل وشاب في سوريا غير ملتحقين بالمدارس.
ونقلت الصحيفة عن اللجنة أن سوريا التي كانت مشهورة بالترويج لقيمة التعليم في المجتمع باتت تشهد مستويات منخفضة في معرفة القراءة والكتابة والحساب، وذلك سوف يكون مؤثرًا بشكل سلبي على دفع تعليم الأطفال إلى الأمام في المستقبل، مضيفةً أن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة كان يفوق 95 في المئة قبل الحرب رغم عدم إطلاع المنظمة على النتائج الأساسية الرسمية حول التعليم في البلاد قبل 2011.

 

إقرأ أيضًا: أطفال تتسول فنتعاطف.. ماذا عن الدولة اللبنانية؟
تقرير الصحيفة الأمريكية أضاف بقوله إن إمكانية الإلتحاق بالمؤسسات التعليمية والتعلم لا تمثل فقط مشكلة للأطفال داخل سوريا، بل إن أكثر من نصف مليون طفل في سن الدراسة في سوريا ممن لجؤوا إلى تركيا والأردن ولبنان، لم يلتحقوا بالتعليم الرسمي في العام الدراسي السابق. 
وتوقفت الصحيفة عند مسح أجرته لجنة الإنقاذ الدولية على نحو 3000 طفل في خمس مدارس في شمال سوريا، أن ما يقرب من نصف الذين شملهم الإستقصاء، والذين يبلغ متوسط أعمارهم 13 عامًا، لم يتمكنوا من إكمال مسألة حسابية مخصصة للأطفال البالغين من العمر سبع سنوات، وحوالي ثلث طلاب الصف الثامن لم يتمكنوا من قراءة قصة من 60 كلمة مخصصة لطلاب الصف الثاني بشكل صحيح. 
كما أشار التقرير إلى أن أكثر من 25% من التلاميذ الذين يتلقون مساعدات من اللجنة الدولية، والبالغ عددهم 3500 تلميذ، إضطروا للفرار من منازلهم، وأن الكثيرين أصيبوا بصدمة بعد مشاهدة تأثير القتال على أفراد الأسرة والضرر والدمار اللذين سببتهما الغارات الجوية، ومن النتائج الهامة الأخرى أن هناك 5.8 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا يحتاجون إلى المساعدة التعليمية، ما يعني أنهم يواجهون صعوبة في الذهاب إلى المدرسة بسبب الأخطار التي قد يتعرضون لها على طول الطريق، لا يتعلمون بسبب سوء نوعية التعليم أو عدم وجود المعلمين، وهم عرضة لخطر التسرب من التعليم.

إقرأ أيضًا: ضغوطات لتبرئة المستشفيات والطفلة إيلا الضحية.. فهل يخضع القاضي رزق؟
وأضافت أن حوالي 59% من طلبة الصف السادس لم يتمكنوا من قراءة قصة بسيطة تتراوح بين 7 و10 جمل – أي ما يعادل مهارات القراءة لطلاب الصف الثاني – في حين أن 63٪ من طلاب الصف السابع لم يتمكنوا من حل مسألة حسابية مصممة لطلاب الصف الثاني، وقد ترك نحو 150 ألف معلم نظام التعليم.
وقد نقل تقرير الصحيفة توصيات لجنة الإنقاذ الدولية لتحسين التعليم دراسة البرامج التعليمية التي تحدد أفضل طريقة لإنفاق المال على المدارس، والتركيز على البرامج العلاجية التي تساعد على تعزيز المهارات الأساسية للأطفال وسد الفجوة بين ما يعرفونه وما ينبغي أن يعرفوه في بعض المستويات الصفية ومساعدة الأطفال على بناء المهارات الإجتماعية والعاطفية.
"جيلٌ ضائع"، هذا هو مصير ملايين من أطفال سوريا بسبب الحرب وتوابعها.. فإلى متى سيدفع صغار سوريا أثمان صراعات الكبار؟