فى حوار اتسم بالصراحة والصدق وتطرق إلى كافة قضايا لبنان والعالم العربي، أكد سعد الحريرى رئيس وزراء لبنان أهمية اجتماع اللجنة المشتركة المصرية ـ اللبنانية العليا فى القاهرة بعد غد، عقب انقطاع دام سبع سنوات، موضحا أن هناك ملفات عديدة مطروحة على جدول الأعمال فى مقدمتها تفعيل العلاقات السياسية وتطوير العلاقات الاقتصادية.
 

وقال إن هناك تواصلا بين المسئولين الأمنيين اللبنانيين والمصريين على أعلى المستويات لتنسيق الجهود فى مواجهة الخطر الإرهابى وملاحقة أفراد وخلايا التنظيمات الإرهابية، وشدد رئيس الوزراء اللبنانى على أنه لا يمكن إنهاء الحرب الدائرة فى سوريا إلا من خلال التسوية السياسية، مشيرا إلى أن القيادة المصرية يمكن أن تلعب دورا محوريا فى هذا المجال وهى التى قدمت النموذج الصحيح لكيفية تعاطى الجيوش الوطنية مع شعوبها.

وإلى نص الحوار:

الأهرام: دولة الرئيس فى ضوء انعقاد اللجنة المشتركة المصرية ـ اللبنانية فى القاهرة بعد نحو سبع سنوات من آخر اجتماع لها فى بيروت، ما هى أهم ملفات التعاون المطروحة على جدول أعمال اللجنة؟

الحريرى: لا شك أن سبع سنوات بدون انعقاد أى اجتماع للجنة المشتركة هى مدة طويلة جدا، وقد طرأت خلالها جملة من المتغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية وغيرها، وبات من الضروري، بل من الملحّ، انعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين، لدراسة كيفية التعاطى مع هذه التحولات، بما يتلاءم مع مصلحة كل من جمهورية مصر العربية ولبنان وشعبيهما.

هناك ملفات عديدة مطروحة على جدول الأعمال، وفى مقدمتها تفعيل العلاقات السياسية لمواكبة التحديات الداهمة خصوصا، فى سوريا والعراق وغيرهما، ومنع تداعياتها وآثارها السلبية قدر الإمكان، وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية وتحسين مستوى التبادل بين البلدين وزيادة التعاون وتبادل الخبرات فى مجال النقل والصحة والتربية وعمالة الأفراد وتشجيع الاستثمارات.

الأهرام: هل حجم التعاون الاقتصادى بين مصر ولبنان مرض لكم، وما هى طموحاتكم على هذا الصعيد بالنسبة لزيادة حجم هذا التعاون؟

الحريرى: بالطبع، حجم التعاون الاقتصادى بين مصر ولبنان ليس مرضيا ولا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة وأواصر الإخوة والمودة التى تربط بين الشعبين الشقيقين. نحن نسعى بكل جهد لتحقيق نقلة نوعية فى مستوى العلاقات الاقتصادية، بما يتلاءم مع دور البلدين وعلاقاتهما التاريخية، ونأمل من خلال الزيارة واجتماع اللجنة المشتركة، فى تحقيق هذا الهدف.

هناك فريق كامل من الوزراء يشارك فى الوفد وقد أنجزوا دراسة الملفات المدرجة فى جدول الأعمال وسيعقدون سلسلة اجتماعات مع نظرائهم المصريين لهذه الغاية، وسيتخلل الزيارة التوقيع على الاتفاقيات المطلوبة والتى تشمل مواضيع التعاون، بدءا من تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مرورا بكل ما يهم فى قطاعات النقل والبيئة والتعاون الثقافى والبيئى والزراعى والفنى وغيرها.

الأهرام: هناك أفكار للتعاون المصرى اللبنانى فى دول أفريقيا، ما هو تقييمكم لذلك وهل هناك فرصة لتوسيع مجالات التعاون بين البلدين فى القارة الأفريقية؟

الحريرى: نحن كحكومة جاهزون لمناقشة إمكانية التعاون بين لبنان ومصر فى أى منطقة من العالم، حيث يتواجد المغتربون اللبنانيون بثقل وفاعلية كما هو الحال فى بعض الدول الأفريقية.

الأهرام: قطعت مصر خطوات كبيرة لتصحيح المسار باتجاه النجاة من مخطط الفتنة فى المنطقة. كيف ترون تحرك الشعب المصرى فى 30 حزيران لإنقاذ بلاده والمنطقة من هذا المخطط؟

الحريرى: لقد شكل تحرك الشعب المصرى العارم فى هذا التاريخ والتفافه حول قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى يومئذ، العامل الحاسم فى منع انجرار جمهورية مصر العربية إلى مسلسل الفوضى وعدم الاستقرار الذى عمّ العديد من الدول العربية. وبالرغم من الصعوبات والتحديات، يلاحظ بوضوح نجاح القيادة المصرية الحالية فى تحقيق تقدم ملموس فى نقل مصر من مرحلة الضياع والارتباك إلى مرحلة أكثر أمنا واستقرارا، ومواجهة عوامل الانهيار الأمنى والاقتصادى ووضع الأمور على السكة الصحيحة لتعود مصر الى لعب دورها القيادى الطبيعى فى العالم العربى والمنطقة.

الأهرام: لبنان والحمد لله، وبرغم التنوع والتعددية والطائفية والظروف الإقليمية صامد أمام موجات، من محاولات المساس بأمنه واستقراره. برأيكم كيف حافظ لبنان على هذا الصمود فى مواجهة جماعات العنف والإرهاب؟

الحريرى: كما يعلم الجميع، لبنان مر عبر تاريخه بأزمات عديدة، وتعرض لاعتداءات إسرائيلية واجتياحات لأراضيه فى العقود الماضية، واللبنانيون تعلموا كثيرا من الحرب الأهلية المشئومة التى عانوا منها كثيرا منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأدت إلى قتل وتهجير مئات الآلاف وتدمير المدن والقري. ولذلك باتت هناك قناعة لأكثرية اللبنانيين بعدم جدوى تكرار مثل هذه الحروب تحت أى ظرف كان، لأنه لن ينتج عنها سوى الخراب والدمار، ولن تؤدى إلى انتصار اى طرف أو طائفة على اخرى مهما كانت قوة هذا الطرف وامتداداته الخارجية. هذه التجارب المؤسفة التى عاشها اللبنانيون، جنبت لبنان الانجرار إلى موجات العنف والاقتتال الطائفى والمذهبى وقطعت الطريق على أى جهة أو تنظيم إرهابى فى تحقيق أهدافه وإعادة الأمور إلى الوراء.

هناك مشاكل وخلافات سياسية عميقة فى لبنان، وهناك تباين فى وجهات النظر حول قضايا حساسة، ولكن السلم الأهلى فى لبنان هو خط احمر.

الأهرام: هل هناك تعاون أمنى مع مصر أو تتطلعون لتعاون أمنى من أجل التصدى لمحاولات جماعات العنف والإرهاب والنيل من استقرار المنطقة؟

الحريرى: لا يخفى على أحد أن هناك تواصلا بين المسئولين الأمنيين اللبنانيين والمصريين على أعلى المستويات، لتنسيق الجهود فى مواجهة الخطر الارهابى وملاحقة أفراد وخلايا التنظيمات الإرهابية التى انتشرت بكثرة فى المنطقة العربية والعالم وباتت تهدد أمن الدول والمجتمعات، وكلما كانت هناك مصلحة لتطوير هذا التواصل والتنسيق الأمني، أعتقد أننا لن نتوانى عن ذلك خصوصا فى هذا الظرف الخطير الذى تمر به المنطقة العربية حاليا.

الأهرام: لبنان امتداد لأمن مصر القومى فى المشرق العربي، فكيف ترون العلاقات اللبنانية ـ المصرية من هذا المنظور؟

الحريرى: لطالما كانت مصر ركيزة أساسية للأمن القومى العربى ولأمن لبنان بالذات، هذا ما عايشه اللبنانيون، إن كان على صعيد الصراع مع إسرائيل أو الأزمات والاهتزازات فى المنطقة العربية، ونحن فى لبنان ضد كل ما يمس الأمن والاستقرار فى مصر أو أى دولة عربية شقيقة، ونرفض أى محاولة من أى جهة كانت باستعمال لبنان كمنصة أو استغلاله كمنطلق لاستهداف أمن مصر أو غيرها، وعلى قناعة بأن الأمن العربى مرتبط ببعضه البعض، وأى اهتزاز أو استهداف لأى دولة عربية سيصيب الدول الأخرى بشكل أو بآخر، وينعكس ضررا على العرب عموما.

الأهرام: كيف ترون الوضع فى سوريا وتأثيره على الوضع فى لبنان؟

الحريرى: الوضع فى سوريا معقد وصعب وتأثيره كان واضحا على لبنان الذى عانى ولا يزال يعانى تداعيات هذه الحرب، بفعل تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى أرضه، هربا من ديكتاتورية ووحشية النظام وخطر الارهاب.

وكما تعلمون، فإن ذلك يشكل عبئاً على اقتصاد البلد، ناهيك عن التداعيات الأمنية على الحدود المشتركة ومحاولات بعض التنظيمات الإرهابية المتشددة استهداف أمن لبنان واستقراره من وقت لآخر، الأمر الذى يتطلب بقاء القوى والأجهزة الأمنية والعسكرية على درجة عالية من اليقظة والاستعداد لمواجهة مثل هذه المحاولات.

لم نلحظ أى تقدم فى مفاوضات جنيف باتجاه وقف الحرب الدائرة فى سوريا نهائيا، الحرب لا تزال مستمرة لأنه يبدو أن نظام الأسد وحليفه الإقليمى الأساسي، اى ايران، يراهن على حسم الأمور عسكريا، وهو يستغل هذه المفاوضات فى سبيل تحقيق هذا الهدف. ولذلك تستمر الحرب بين كر وفر وتدمير المزيد من القرى والمدن وتهجير المدنيين وتزايد الدول والأطراف والتنظيمات المشاركة فيها وتشابك المصالح الإقليمية والدولية فيها. لا يمكن إنهاء الحرب الدائرة فى سوريا، إلا من خلال التسوية السياسية والأخذ بعين الاعتبار مطالب اكثرية الشعب السورى ومشاركته فى نظام ديمقراطى يجمع بين كافة مكونات الشعب، ومن غير ذلك يستحيل وقف هذه الحرب المدمرة.

الأهرام: ما هى رؤيتكم للموقف المصرى من الوضع فى سوريا؟

الحريرى: مصر دولة عربية كبرى لها وزنها وسياستها وموقفها مما يجرى فى سوريا يرتكز على مصالحها وتطلعاتها. نحن كقوى سياسية وأنا شخصيا، موقفى معروف منذ بداية الثورة السورية، ومع التوصل الى حلٍ سياسى ينهى مأساة سوريا، واعتقد ان القيادة المصرية يمكن ان تلعب دوراً محورياً فى هذا المجال، وهى التى قدمت النموذج الصحيح لكيفية تعاطى الجيوش الوطنية مع شعوبها.

الأهرام: هناك تردد عربى فى المواقف من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، فمواقفه من مكافحة الإرهاب لاقت ترحيبا، لكن مواقفه من القضية الفلسطينية استدعت الهجوم عليه، كيف ترى العلاقات الأمريكية العربية مع إدارة ترامب؟

الحريرى: لا شك أن الرئيس الأمريكى بعد تسلمه لمهام الرئاسة حاول تلطيف هذه المواقف جزئيا، وبادر إلى مساع وتحركات وإطلاق مواقف بخصوص نيته إخراج مساعى السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من جمودها.

من هذا المنطلق، يلاحظ بدء زوال هذا التردد العربى تدريجيا، ومعاودة الاتصالات والزيارات بين زعماء ومسئولين عرب كبار للرئيس الأمريكى ترامب وللإدارة الأمريكية الجديدة، فى حين يبقى مستقبل العلاقات الأمريكية العربية محكوما بالسياسات التى ستنتهجها الإدارة الأمريكية فى التعاطى مع أزمة الصراع العربى الإسرائيلى أولا وأزمات المنطقة ثانيا، إن كان بسوريا أو العراق أو اليمن وعلاقاتها مع العرب عموما.

الأهرام: ماذا تنتظر أو تتوقع من القمة العربية القادمة فى عمان حيال التعامل مع الوضع العربى الراهن وحالة الانقسام والفوضى والإرهاب؟

الحريرى: يبقى مؤتمر القمة العربية حدثا مهما ومناسبة مواتية لجمع والتقاء الزعماء والمسئولين العرب مع بعضهم البعض والبحث عن سبل حل الخلافات وإيجاد الحلول للمشاكل والأزمات التى تعصف بالمنطقة العربية بالرغم من كل الحروب والتحديات والانقسامات السائدة حاليا، فمؤتمر القمة يشكل فرصة ثمينة للتباحث فى ما آلت إليه المنطقة العربية ولتحديد رؤية للعمل العربى المشترك والتطلع إلى المستقبل، ولتوجيه رسالة واضحة للخصوم والأصدقاء بأن نواة التلاقى العربى لا تزال قائمة ويمكن الانطلاق منها لتجاوز الخلافات والانقسامات العربية مهما كانت صعبة ومعقدة.

الأهرام: كان دعمكم للرئيس العماد ميشال عون نقطة الانطلاق لانتخابه رئيسا للجمهورية ومن ثم تشكيلكم للحكومة، لكن ذلك أدى إلى تحفظات فى أوساط سنّية، كيف تتعاملون مع هذا الأمر، وهل يمكن أن يعود تيار المستقبل إلى قوته كتجمع سياسى يمثل السنّة فى لبنان؟

الحريرى: بالفعل هناك تحفظات صدرت عن بعض القوي، ولكن فى النهاية زال العديد من هذه التحفظات بعد انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة الجديدة، وأصبحنا أمام واقع سياسى ومرحلة سياسية جديدة، ومن الطبيعى أن يكون بعض الأطراف السياسيين غير راضين وفى موقع معارض، لأنه من الصعب أن يكون هناك إجماع كامل لأننا فى نظام ديمقراطى وتعدد الآراء، يبقى هناك من يؤيد وهناك من يعارض ولكن فى النهاية أصبحنا أمام أمر واقع جديد وعلى الجميع التعاطى معه كل من موقعه المؤيد أو المعارض.

فرئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة يتعاطى مع الجميع دون استثناء لأنه أصبح لكل اللبنانيين ومسئولا عنهم، فى حين أن من يريد الاستمرار فى المعارضة أو المقاطعة فهذا خياره ونحن نحترمه.

أما بالنسبة لعودة تيار المستقبل إلى قوته كتجمع سياسى يمثل السنة فى لبنان، لا يطابق الواقع، أولا لأن تيار المستقبل وبالرغم من كل الظروف الصعبة التى مرت على لبنان لا يزال محافظا على موقعه من بين أكبر التجمعات السياسية الوطنية ومنتشرا على معظم الأراضى اللبنانية.

الأهرام: يرى البعض أن قوى 14 آذار تفرقت، هل من مبادرات للمّ الشمل؟

الحريرى: الثوابت السياسية التى انطلقت منها قوى 14 آذار لا تزال تجمع بين هذه القوي. هناك تلاقٍ بين بعض هذه القوى فى قضايا ومسائل أساسية واختلاف على أخري، فى حين هناك تقارب ونظرة موحدة تجاه القضايا الوطنية الأساسية والنظرة إلى أزمات المنطقة وتحدياتها.

وهذا الواقع لا ينطبق على قوى 14 آذار وحدها، بل يشمل كل القوى السياسية الأخري، لأن الظروف التى أدت إلى قيام تحالف قوى 14 آذار تغيرت بفعل التحولات فى الداخل والخارج وأصبحت القوى السياسية فى لبنان متداخلة، بعضها يتلاقى مع خصوم الأمس والآخر يعارض حلفاءه السابقين.

الأهرام: يدافع الرئيس ميشال عون عن سلاح حزب الله فى مواجهة الانتقادات الدولية للحزب فى ظل تصنيفه منظمة إرهابية، وأنتم كتيار المستقبل ضد وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني؟

الحريرى: نحن كتيار سياسى موقفنا معروف ونؤكد عليه باستمرار أننا ضد أى سلاح غير سلاح الجيش والدولة اللبنانية. وفِى سائر الأحوال يبقى هذا الموضوع محل تباين وخلاف فى وجهات النظر بين اللبنانيين، وهو مع الأسف يشكل عنصراً اساسياً من عناصر الانقسام الوطنى وضعف الدولة، ولكننا نتطلع دائماً الى معالجته تحت سقف الحوار الوطني، والدعوة الى حصرية السلاح فى يد الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية الشرعية. فلا شرعية لاى سلاح الا لسلاح الجيش اللبنانى ومؤسساتنا الأمنية. وكل سلاح آخر هو محل خلاف وتباين.

الأهرام: هناك جلسات حوار تمت بين تيار المستقبل وحزب الله بالرغم من انتقاد كل منهما للآخر، هل الحوار مستمر وما هى طبيعة العلاقة بينكم وبين حزب الله؟ هل هناك إمكانية لعقد لقاء مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، خاصة وأنه لم يعترض على تكليفكم تشكيل الحكومة؟

الحريرى: الحوار مستمر مع حزب الله، وإن كانت الجلسات لا تعقد بالزخم الذى كانت عليه لأننا بتنا نجتمع فى جلسات مجلس الوزراء باستمرار.

نحن لا نزال على موقفنا من سلاح حزب الله ولم نغيّر مواقفنا الرافضة لوجود أى سلاح خارج مؤسسات الدولة وهم مستمرون وسياستهم بالتدخل بالأزمة السورية عسكريا ورفضهم حل مسألة السلاح، فى حين ما يجمعنا حاليا المشاركة ضمن الحكومة الواحدة والإجماع على رفض الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة والبحث عن حلول للمسائل والمشاكل الأخرى التى تهم اللبنانيين وتحسن مستوى عيشهم.

أما فيما يخص إمكانية عقد لقاء مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فأعتقد أن الظروف غير ملائمة لعقد مثل هذا اللقاء.

الأهرام: بالرغم من قرب انتهاء المهلة القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات النيابية، لم يتفق الجميع على قانون للانتخابات، ماذا تتوقعون لو انتهت المدة القانونية لإقرار القانون دون إقراره، هل سيتم التمديد للمجلس النيابى للمرة الثالثة، أم سيدخل لبنان فراغا نيابيا؟

الحريرى: نحن لم ندّخر وسعاً فى سبيل التوصل إلى قانون انتخابات جديد، عقدنا لقاءات متواصلة مع الأطراف المعنيين لأجل التوصل إلى هذا القانون وما زلنا نعمل بكل جد لتحقيق ذلك، ولكن تداخل التشابكات السياسية وتعدد المشاريع المطروحة واختلاف نظرة الأطراف السياسية تجاهها، كلها عوامل أدت إلى التأخير فى الاتفاق على قانون جديد. وكما هو معلوم، فهناك استحالة لصدور قانون انتخابات جديد بمعزل عن توافق كل الأطراف المعنيين عليه، لأن قانون الانتخابات هو قانون توافقى فى النهاية، وليس قانونا مفروضا على هذه الجهة أو تلك فرضا. أستطيع القول إننا لسنا فى طريق مسدود، وقد حققنا بعض التقدم من خلال جمع النقاط الإيجابية فى القوانين المطروحة، وآمل أن نستطيع فى الأيام القليلة المقبلة بلورة تصور قانون انتخابات يحظى بتوافق الأطراف، وأنا لست متشائما بهذا الخصوص لأن هناك مخارج عديدة لهذه المشكلة، ولن يكون هناك تمديد للمرة الثالثة كما حصل فى السابق بل تمديد تقنى يمتد لبضعة أشهر لتنفيذ القانون الجديد.

الأهرام: بعد تصنيف مجلس التعاون الخليجى لحزب الله كمنظمة إرهابية، تأثر الاقتصاد اللبنانى بسبب الضغوط الكبيرة التى تعرضت لها الجالية اللبنانية فى دول الخليج وكذلك منع دول الخليج لمواطنيها من زيارة لبنان، فما هى الخطوات التى ستتخذها الحكومة اللبنانية برئاستكم لإزالة الآثار السلبية لقرار مجلس التعاون الخليجي؟

الحريرى: لا يخفى أن تهجم بعض الأطراف اللبنانيين على دول مجلس التعاون الخليجى قد أثر سلبا على علاقاتها مع لبنان ونحن كحكومة أجرينا العديد من الاتصالات لتجاوز ما حصل والزيارة التى قام بها فخامة رئيس الجمهورية للمملكة العربية السعودية وقطر ساهمت إلى حد بعيد فى توضيح موقف لبنان والتأكيد على حسن العلاقات مع دول الخليج عموما.

الأهرام: نلاحظ فى الآونة الأخيرة فتورا فى العلاقة بينكم وبين المملكة العربية السعودية لدرجة تجميد هبة تسليح الجيش اللبنانى المقدمة من المملكة، وكذلك عدم زيارتكم للرياض مثلما زارها الرئيس عون بالرغم من العلاقات الوطيدة التى تربطكم بالمملكة، فلماذا؟

الحريرى: أود أن أطمئنك وأطمئن الآخرين بأن علاقات سعد الحريرى مع المسئولين بالمملكة ليست موضع تشكيك، لأن الكل يعرف مدى عمق هذه العلاقة ومتانتها، أما فيما يتعلق بتجميد هبة تسليح الجيش اللبنانى المقدمة من المملكة فمرده إلى سوء تصرف وتهجم بعض الأطراف اللبنانيين على المملكة وقيادتها مرارا استجابة لتوجهات إقليمية، فى حين أن مسألة زيارتى للرياض مرتبطة بجدول أعمال الحكومتين اللبنانية والسعودية ومواضيع البحث بينهما، وليس لأى أمر آخر.

الأهرام: يستضيف لبنان منذ عقود اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه، وخلال الأزمة السورية استقبل حوالى مليون نازح سورى ينتشرون فى ربوعه، فكيف يواجه لبنان أزمة اللاجئين فى ظل انعدام الدعم الدولي؟

الحريرى: لا يخفى على أحد مدى عبء وجود النازحين السوريين فى لبنان والذى قارب عددهم على مليون ونصف المليون نازح، وهناك ضغوط وتزايد استعمال البنى التحتية فى المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية تفوق قدرتها على الاستيعاب، مما أثر سلبا على حياة كثيرين من اللبنانيين فى ظل تقلص المساعدات الدولية المقدمة للبنان بهذا الخصوص.

نحن نسعى من خلال الحكومة إلى وضع خطة شاملة تتضمن حاجة لبنان على كل المستويات لمواجهة أعباء النزوح السورى، وسنعرض هذه الخطة فى المؤتمر الذى سيعقد فى بلجيكا فى غضون الأسابيع القليلة المقبلة ونأمل أن تتجاوب معنا الدول المعنية وتوافق على مطالبنا بهذا الخصوص لتنفيذ التزامات الدولة تجاه المواطنين اللبنانيين وتخفيف التداعيات السلبية لوجود النازحين عنه.

الأهرام: بعد 11 عاما من استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لا تزال المحكمة الدولية تتداول القضية، ولا يزال الجانى طليقا، هل ماتت القضية؟

الحريرى: أطمئن الجميع، القضية لم تمت، وللمشككين أقول: المحكمة مستمرة فى طريقها، والكل يعرف مدى دقة المحاكم الدولية وإن شاء الله ستصدر أحكامها بحق القتلة المجرمين.

 

الأهرام