في ذكرى 14 أذار يستعيد جزء كبير من اللبنانيين أمجاد الماضي لبناء الحاضر الجديد وتختلف السياقات السياسية إلا أن البلاد ما زالت بحاجة إلى روح 14 أذار كثورة ترفض الطائفية والمذهبية والفساد والهدر والمحسوبيات
 

14 أذار إنهزمت و8 أذار لم تربح، بهذه العبارة يلخص المفكر الأستاذ سمير فرنجية واقع الحال الذي وصلت إليه السياسية اللبنانية القائمة على الإصطفافات الحزبية والطائفية، عبّر فرنجية بصراحة عن قراءته للساحة السياسية في لبنان، هذه الساحة التي إعتادت بلحة من اللحظات على قضم الماضي والتنكر للإنجازات مع أي تسوية أو حدث.
تحل ذكرى 14 أذار هذا العام ثقيلة، ومع مرور الزمن يصبح إحياء هذه المناسبة محاولة لترميم صدع كبير، إلا أن هذه المحاولة تصبح بلا معنى مع اللامبالاة التي أصابت الأكثرية ممن كانوا دعاة هذه الإنتفاضة وممن آمنوا بها.
الإنتفاضة التي ظهرت على أعتباب العام  2005 واستطاعت أن تكون الرقم الأصعب في الحسابات السياسية اللبنانية آمنت بفكرة الدولة والمدنية والحداثة وتداول السلطة والإصلاح وتطوير القوانين، لم تستطع أن تحمي نفسها فأخذتها التيارات السياسية في لبنان والمنطقة إلى بازار التسويات والمقايضات من جهة، وأسقطتها المصالح الشخصية والحزبية والإنتخابية من جهة ثانية لتصبح أثرًا بعد عين.

إقرأ أيضًا: التعيينات ويافطات التملق !!
14 أذار أطلقت الرصاص على رجليها وأعلنت دفن نفسها بعد أن تحولت إلى قضية أحزاب ومن ثم إلى قضية طوائف، كان من الممكن اعلان النهاية بطريقة اخرى بعد اجراء مراسم دفن تليق بها وكان من الطبيعي ان تتحوّل بعدها الى ندوة، او كتلة سياسية تاريخية بمثابة ناظم لأحزابها وجماعاتها، ما يهمهم تقريش المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة، كان من الممكن أن تنتصر 14 آذار اقليميًا ولكنها انعزلت داخليًا.
هكذا عبّر الإعلامي مصطفى فحص عن نهاية 14 أذار التي قتلت نفسها وشيعت نفسها إلى مثواها الأخير.
هل ما زال لبنان بحاجة إلى ثورة جديدة ؟
إن تجربة 14 أذار كانت تجربة مضيئة في الحياة السياسية اللبنانية، وشهدت البلاد ثورات شبيهة، كانت مطلبية بالدرجة الأولى فتحولت لاحقًا إلى ثورة على الفساد والهدر والمحاصصة "طلعت ريحتكم" و "بدنا نحاسب" تركت هذه الثورات أثرها البالغ محليا حتى أُجهضت لاحقًا بفعل السياسيين اللبنانيين الذين لم يتحملوا ثورة مطلبية بهذا الحجم.
إن عدم نجاح أي ثورة في لبنان يعود إلى التركيبة السياسية الحاكمة وإلى النظام الطائفي الحاكم ويُعتبر إمساك الطوائف وزعماء الطوائف بمفاصل الدولة الأساسية عاملا رئيسيا في فشل أي ثورة أو أي تحرك سواء كان سياسيًا أو مطلبيًا، وبالتالي فإن أي تحرك يتم القضاء عليه بذريعة الخوف من الحرب الأهلية والنزاعات الطائفية.

إقرأ أيضًا: الخصخصة الحل الأمثل لمعالجة أزمة الكهرباء
في ذكرى 14 أذار، البلد ما زال يعاني الفساد والهدر والمحاصصة والمحسوبيات، وما زال الواقع السياسي اللبناني في خضمّ الأزمة سياسيًا وإجتماعيًا وإقتصاديًا وأسباب الثورة والتحرك والرفض ما زالت موجودة إلا أن ثمة موانع سياسية وطائفية تتحكم، وثمة زعماء يمسكون بطوائفهم، وثمة طبقة سياسية وأحزاب ما زالت قادرة على مصادرة الثورات لصالح نهمها السياسي والمصلحي.