أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في مؤتمره بالأمس عن مطالبته بإنشاء مجلس للشيوخ في لبنان يتولى رئاسته مسيحي غير ماروني.
 

هذه المطالبة سرعان ما أتى رد عليها من الوزير السابق وئام وهاب الذي رفض الأمر وقال أن مجلس الشيوخ هو من حصة الدروز ولم يكتف وهاب بذلك بل قدم عرض لجبران باسيل طالبه فيه بمقايضة أحد هذه المراكز التالية وهي رئاسة الجمهورية وحاكمية المصرف المركزي وقيادة الجيش برئاسة مجلس الشيوخ.

إقرأ أيضا : لا نريد كرامة من دون عمل ولا إنتصارات واهمة من دون عيش كريم

هكذا قدم وهاب عرضه لباسيل عبر تويتر وأمام كل اللبنانيين وهكذا برر باسيل مطالبته بالمجلس قائلا بأنه لا يجوز أن تكون رئاسة الجمهورية منقوصة الصلاحيات ويوجد ثلاث رئاسات للمسلمين كاملة الصلاحيات في حال شملنا مجلس الشيوخ معها.
أما مصادر الإشتراكي فإكتفت قائلة بأن "  ليس جبران من يقرر".

 

 

مجلس الشيوخ من حل إصلاحي إلى تشويه إضافي للنظام:

وبعيدا عن هذا السجال الطائفي والمذهبي الذي ينتمي إلى عصور الجهل والتخلف والمذهبية، يأتي الحديث عن مجلس الشيوخ كحل من الحلول الإصلاحية للنظام اللبناني ولإستيعاب الحالة الطائفية في الجمهورية.
وهو خطوة تحصل بعد قيام وإنتخاب أول مجلس للنواب غير طائفي وتحقيق عدة إصلاحات على كافة الصعد وتشمل تشعبات النظام اللبناني ومناطقه.
ففي حال عدم إنتخاب مجلس للنواب غير طائفي لا يمكن الحديث عن مجلس للشيوخ أو أمل بقيامه.

إقرأ أيضا : قوانين إنتخابية إبتزاز للشعب والوطن!!
لكن ما يخشى منه هو تشويه هذا الحل الإصلاحي على " الطريقة اللبنانية " وتحويله إلى عامل إضافي لتشويه النظام والآلية الديمقراطية فيه.
وما يؤكد ذلك هو النزاع الحاصل على الهوية المذهبية  لرئيس هذا المجلس وبالتالي إذا كان الكلام لا يزال عند هذا الحد من المستوى الكلامي الطائفي فلا معنى لقيام المجلس.
أضف أن إستمرار اللغة المذهبية وطغيان الهاجس الوجودي المفتعل لدى الأقليات يساهم بشكل كبير في فرملة أي عمل إصلاحي مطلوب قبل قيام مجلس الشيوخ كالإنماء المتوازن وإنتخاب مجلس للنواب غير طائفي.
وحتى الآن هناك معارضة للعديد من الأمور الإصلاحية المطلوب تحقيقها، فالنسبية مرفوضة عند العديد من المكونات اللبنانية والفقر والحرمان وإهتراء البنية التحتية والخدمات الضعيفة طاغية بقوة في مناطق دون أخرى مع غياب سياسات الإنماء المتوازنة وممارسة الكيدية والطائفية في تقديم الخدمات.

إقرأ أيضا : التعيينات ويافطات التملق !!
وعلى ما يبدو ، فإن هناك نية لحرق المراحل وجمع الأوراق السياسية وتكديسها من أجل المؤتمر التأسيسي الموعود لتحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب لاحقا.
وفي ظل هذا الجنون المذهبي والطائفي الذي ظهر بكلام كل من جبران باسيل ووئام وهاب،  صار لزاما علينا أن نسأل الرئيس ميشال عون عن الإصلاحات التي نادى بها طويلا وكيف تحولت من شعارات على مستوى وطن إلى شعارات طائفية ومذهبية تحاكي أدبيات اليمين المتطرف وسردياته اليومية عن حقوق الطائفة والخطر الوجودي الذي يتهددها.
وقبل هذا وذاك،  يطلب اللبناني فرصة من هذه الطبقة السياسية بأن تسمح له بالتنفس والعيش الكريم،  وهذه الفرصة تتطلب من السياسي اللبناني أن يبحث عن حلول للكهرباء والمياه والبطالة وتأمين لقمة العيش للشعب اللبناني قبل الحديث عن مجلس شيوخ سيدفع تكاليف أعضائه وأعماله هذا الشعب الفقير.

إقرأ أيضا : فاتورتان للكهرباء والإنترنت مع مياه ملوثة وأزمة نفايات والسلطة تأكل الديليفاري