عودة الإدارة الأميركية الجديدة للعب دورها السياسي والعسكري في سوريا أعاد خلط الأوراق سياسيًا وعسكريًا فهل تستطيع الولايات المتحدة الإمساك بزمام الأمور من جديد؟
 

في كل عرس لها قرص وواضح أنه في العرس السوري فإن القرص الأكبر سيكون من نصيب الولايات المتحدة الأميركية. 
الإنكفاء الأميركي عن الميدان السوري خلال الإدارة السابقة لا يعني بالضرورة أنه كان بالإمكان التوصل إلى حل للأزمة السورية بغياب الأصبع الأميركي. 
والتجربة السورية أثبتت أنه مع انغماس العديد من الأطراف في وحول الحرب السورية عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا وماليًا فإن أي طرف من هذه الأطراف بقي عاجزًا عن حسم هذه الحرب لمصلحته والجميع كانوا بإنتظار إنتهاء ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي قرر الإبتعاد عن الميدان السوري لمصلحة التمدد الإيراني لتحقيق تقدم في الملف النووي الذي تم التوقيع عليه بين إيران والدول الغربية الست ووصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض وما يمكن أن تتخذه الإدارة الجديدة من مواقف إزاء العديد من الأزمات والقضايا الدولية ومنها الأزمة السورية. 
ورئيس النظام السوري بشار الأسد الذي كان يستفيد من حال المراوحة في الواقع السوري لجهة عدم إمكانية الحسم لإطالة أمد ولايته في حكم سوريا، فإنه كان يأمل من التغيير في الموقف الأميركي تجاه سوريا أن يصب في مصلحته إنطلاقا من تبني موقف محاربة الجماعات الإرهابية تنظيم داعش وجبهة النصرة ومتفرعاتهما، وبالتالي فإنه كان يتوقع من إدارة الرئيس دونالد ترامب فتح خط للتواصل مع دمشق. 

إقرأ أيضًا: إيران تحصد الخيبة في سوريا.
لكن إدارة ترامب حصرت تنسيقها في الشأن السوري مع تركيا والأكراد إضافة إلى روسيا مع تجاهل واضح للرئيس الأسد ما يعني عدم الإنفتاح عليه وفي أحسن الحالات فهو في الحسابات الأميركية ليس أكثر من تابع لروسيا. 
من هنا جاء وصف الأسد للقوات الأميركية الموجودة في سوريا بأنها قوات غازية لأنها دخلت دون إذن، وجاء هذا التصريح خلال مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة فينيكس الصينية مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي وخلال حملته الإنتخابية تعهد بإعطاء الأولوية لدحر تنظيم داعش، لكن لم نر شيئا ملموسا بعد فيما يتعلق بهذا الخطاب، وأكد الأسد على أن الحملة العسكرية الأميركية ضد داعش هي هجمات وغارات تقتصر على مناطق صغيرة، وأمل من الإدارة الأميركية تنفيذ ما تعهدت به. 
صحيح أنه - ومنذ فترة طويلة - هناك تواجد عسكري أميركي على الأراضي السورية وكانت القوات الأميركية تستخدم مطارات تقع في الشمال السوري، إلا أن الإندفاعة العسكرية بهذا الحجم وبهذا المستوى من القوة مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض جعلت كل المتورطين في الحرب السورية يشعرون بحال من الارباك والعجز عن إعتماد أسس واضحة وثابتة في التعاطي مع الأزمة السورية سيما وأن قرار الرئيس الأميركي بالتدخل في سوريا أحدث إنقلابًا بكل معنى الكلمة وشكل منعطفًا على المستوى الإقليمي مع إصرار الإدارة الأميركية على الإمساك بقواعد اللعبة على الساحة السورية استنادا إلى الوجود العسكري الذي فرضته في الميدان السوري بالرغم من التعقيدات التي نشأت على خلفية التراجع الأميركي في عهد الإدارة السابقة. 

إقرأ أيضًا: لبنان ممر إيران إلى القدس
وكان لافتًا تصريح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزف فوتيل أمام إحدى لجان الكونغرس الذي أكد فيه أن الأميركيين باقون عسكريًا في سوريا حتى بعد القضاء على داعش. 
وإذا كان من السابق لأوانه إستشراف المستقبل السوري وإذا كانت كافة الأطراف المشاركة في الأزمة السورية بحاجة إلى الوجود الأميركي الفاعل في سوريا إلا أن إدارة ترامب لم تندفع بإتجاه الواقع السوري لتتقاسم النفوذ مع أي طرف آخر. 
والتجارب الأميركية أثبتت أن أميركا هي من يقطف الثمرة في النهاية وأن واجهتها بعض العراقيل والعوائق التي تزيلها بسياسة النفس الطويل.