أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطر الراعي في عظة ألقاها في قداس "أحد شفاء الأبرص"، إلى انه "في هذا الأحد الثاني من زمن الصوم الكبير، تقرأ الكنيسة إنجيل شفاء الأبرص الذي يرمز إلى برص الإنسان الداخلي بنتيجة حالة الخطيئة التي يعيش فيها ويستمرّ. وقد جاء الفادي الإلهي، ربّنا يسوع المسيح، ليشفيَنا منها. فكما البرص قروح تتآكل وجه المصاب ويدَيه ورجلَيه وكلّ جسمه وتؤدّي إلى موته، كذلك حالة الخطيئة المزمنة تتآكل قلب الإنسان ونفسه وروحه، وتقتل فيه القيم الروحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة وروح المسؤولية ومقتضيات الواجب".
وحيا الراعي أهالي منطقتَي بعلبك والهرمل، مشيرا إلى اننا "نقدر صمودهم في منطقتهم العزيزة التي هي بمثابة سياج للوطن، حفاظًا عليه وعلى شعبه، وهم بحاجة إلى دعمنا لهم على مختلف الأصعدة".
وأوضح ان "الخطيئة هي مخالفةٌ لوصايا الله وتعليمه في الكتب المقدّسة وتعليم الكنيسة. وهي إهمال لواجب الحالة أو المسؤوليّة سواء في العائلة أم في الكنيسة أم في الدولة. وهي أيضًا سوء استعمال السلطة والمال وخيرات الارض. هذه الأنواع الثلاثة من الخطايا، إذا أصبحت حالة في حياة الشخص، من حيث هي أفعال تتكرّر، ولا يتوب عنها، ولا يصحّح مجرى حياته، تضحي برصًا داخليًّا قتّالًا. فيكون هذا "البرص" منبع الحالة التي يتخبَّط فيها مجتمعنا: فساد وانحطاط في الأخلاق، إقطاعيّة سياسيّة تعطّل القانون والعدالة، مصالح شخصيّة وفئويّة ومذهبيّة تعرقل مسيرة المؤسّسات العامّة وبخاصّة أجهزة الرقابة، استيلاء على أموال الدولة ونهبها وهدر مال الخزينة، رشوات وخوّات تحطّم الرغبة في الاستثمار وإنشاء المشاريع الإنمائيّة في المناطق، ممارسةسياسةلا توفّر الخير العام وتهمل مصالح المواطنين وخيرهم وحقوقهم، وخير البلاد وإنماءه، التلكّؤ منذ سنوات عن إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وعرقلة إصدار قانون جديد للانتخابات على قياس الدولة والشعب، إهمال حلّ قضية النفايات والعناية بالبيئة السليمة والصحة العامة. كلّ هذه الحالات هي برص اجتماعي قتّال. نأمل من ذوي الإرادة الحسنة العمل على إزالته".
وأضاف "نسأل الله أن يجعل زمن الصوم الكبير مناسبة لإدراك واقع حياتنا على ضوء كلام الله وتعليم الكنيسة، وللبلوغ إلى توبة داخلية تفضي بنا إلى تصحيح مجرى حياتنا. فنستحقّ أن نرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس".