قانون الإنتخاب اللبناني ما زال يمثل عقدة العقد في السياسية المحلية اللبنانية وبات النواب عاجزون عن تقديم إقتراح جديد وكأنهم ما زالو يرغبون بالتمديد الثالث ما يعني تعطيل الحياة السياسية في لبنان بالكامل
 

دورة كاملة للمجلس النيابي اللبناني مدتها أربع سنوات تلتها دورة أخرى كاملة أيضًا تمت بتمديد النواب لمجلسهم الموقر ليصبح المجموع ثماني سنوات بالتمام والكمال واللبنانيون ينتظرون وهم على هامش الحياة السياسية  وبفارغ الصبر الإعجاز النيابي المتمثل بالتوافق على قانون انتخابي عصري يتلاءم مع متطلبات المرحلة ويتوافق مع قوانين الدول المتطورة والحديثة. 
فمنذ اتفاق الطائف أواخر ثمانينات القرن الماضي الذي أنهى حقبة الحروب الأهلية ودخول البلاد مرحلة ربوع السلام والشعب اللبناني يعيش على وعد تطلقه كافة مكونات الحكم السياسية والحزبية والتي تسلقت إلى كافة تفاصيل السلطة عن طريق الديمقراطية التوافقية والتي تعني في أحد جوانبها تكريس الطائفية والمذهبية هذا الحلم الذي يشكل حلما بالنسبة لهذا الشعب وهو إنتاج قانون انتخابي جديد يتيح لكافة شرائح المجتمع اللبناني ان تتمثل في الندوة البرلمانية. 
إلا أنه وحتى اللحظة فإن المواطن لم يحظ من حكامه سوى الإجتماعات واللقاءات الفارغة والتصريحات والمزايدات الاعلامية والحروب الكلامية. يترافق ذلك مع حالة من اليأس والإحباط يعيشها هذا المواطن في ظل قناعة تترسخ في ذهنه مبنية على تساؤل منطقي ومشروع ! 

إقرأ أيضًا: تمهيدا لإنسحاب حزب الله من سوريا
أنه إذا كان نواب الأمة عجزوا على مدى دورتين متتاليتين لمجلسهم عن إقرار قانون انتخابي جديد فهل يستطيعون تحقيق ذلك خلال الأسابيع او الأشهر القليلة المتبقية من مهلة المجلس؟ 
طبعا هناك شك كبير في ذلك وإلى أن يأتي من يحمل العصا السحرية ويحمل معه المعجزة الثامنة بعد عجائب الدنيا السبع فإن المواطن يعيش على الوعد يا كمون. 
فمشكلة لبنان لا تكمن بقانون انتخاب جديد او قديم وكيف ما كان هذا القانون ولا فرق بين الستين أو النسبي أو المختلط فإنه لن يستطيع أن يصلح ما أفسده الدهر مع رجال سياسة يسعون إلى قانون يضمن أوسع تمثيلًا لهم قبل السواد الأعظم من اللبنانيين مع نزعة راسخة في نفوسهم لإعتبار الدولة معبرًا لتحقيق أهدافهم ومطية لمصالحهم لا راعية لها. 
والمشكلة تكمن في تغييب الدولة في لبنان وهذه المشكلة لا تنحصر مسؤوليتها فقط في معظم السياسيين أن لم نقل كلهم، وإنما تبدأ باللبنانيين أنفسهم الذين يحملون ذهنية لم تتبدل ولم تتطور منذ قيام دولة لبنان الكبير. 
فالناخب اللبناني لا يذهب إلى صناديق الاقتراع لينتخب حزبًا أو مشروعًا إصلاحيًا أو توجها سياسيًا كي يكون قانون الإقتراع النسبي الحكم بينها بل ينتخب وسطاء له مع السلطة ومخلصي معاملات له مع دوائر الدولة وفي أحسن الحالات - وهي في الواقع أسوأها - يقترع لزعيم طائفة يعتبره حامي حمى الطائفة يوم يحمى الوطيس وتقرع طبول يا غيرة الدين. 
وهنا يكمن سر إستنساخ برلمانات لبنان أنفسها بأنفسها وإن غاب وجه من وجوهها يخلفه بديل من أهل بيته وغالبًا ما يكون قد أعد سلفًا ليصبح خير خلف لخير سلف وعليه فلا غرابة أن يسعى أرباب العائلات السياسية في لبنان لإيجاد قانون إنتخاب يلائم الانسباء قبل النسبية. 

إقرأ أيضًا: صراع الهيمنة في الشرق الأوسط.
لا شك أن السياسة بمعناها الأكاديمي هي الغائب الأكبر عن الحملات الانتخابية لدرجة أن إنتخابات لبنان النيابية تحولت في العقود الأخيرة إلى عمليات تعيين للنواب بالإقتراع الشعبي المفروض والمعروفة نتائجه سلفًا. 
واذا كان نظام الإنتخابات النسبي من أفضل الأنظمة تمثيلا للرأي العام في المجتمعات المسيسة إلا أنه في المجتمع اللبناني المتمذهب قد يؤدي اعتماده إلى عكس المطلوب منه، ذلك أن عقدة لبنان المزمنة هي أنه مجتمع تعددي وليس مجتمعًا ديمقراطيًا بالمعنى الدقيق للكلمة. 
وديمقراطيته إن صحت التسمية لها ليست ديمقراطية خيار سياسي بقدر ما هي حاجة لضمان تعايش عائلاته الروحية بسلام. 
وعليه لا بد من العودة إلى إتفاق الطائف الذي نص على إنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه كافة الطوائف كتمهيد لإلغاء الطائفية السياسية في كافة مفاصل الدولة في لبنان.