ما عاد يذهب الطالب إلى مدرسته لطلب العلم بل لطلب العنف! وإذا كان العنف هو عقابًا على خطأ قام به الطفل، فذلك العقاب أصبح جريمة وضرب الأستاذ لتلميذه على أي سبب خطأ يستدعي العقاب، فمن سيعاقب من؟
 

تتعدد أدوات ضرب التلاميذ في المدارس، أهمها تلك العصا التي ما زالت مخيفة حتى يومنا هذا، تلك الأداة التي يرتجف الطلاب لحظة رؤيتها، يفركون أيديهم إعتقادًا أن هذه الطريقة ستمنع الألم، وبمجرد أن تبحث عن أي موضوع يتعلق بالعنف ضد التلميذ، ستجد مجموعة هائلة من المواضيع، والفيديوهات المعنونة من "أستاذ يعنف تلميذاً بالعصا، إلى "إستاذ يضرب طلاباً بطريقة همجية"، إلى "مدرس يضرب تلميذه على وجهه بوحشية" وغيرها من العناوين التي تتضمن رموز العنف والضرب، وصولاً إلى ما عنونته مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام أمس عن الطفل أحمد سعد الذي تعرض لضرب مبرح من قبل أستاذ في المدرسة الكويتية في صيدا.
ساعة فراغ تحولت إلى ساعة ضرب.

 

إقرأ أيضًا: خصخصة الكهرباء مشروع مطلبي محق
لم يعد الطفل أحمد (تسعة أعوام) من مدرسته بحالة نفسية وجسدية جيدة، فالكدمات وعلامات التورم التي رُسمت على جسده النحيل أحالته إلى الطبيب الشرعي، والسبب مشادة كلامية بينه وبين إستاذ إنهال عليه بالضرب داخل الصف أمام زملائه، وتشير المعلومات حسب ما أفاد والد التلميذ، أن "الأستاذ صب غضبه على أحمد بتهمة تغيير مكانه في الصف إثر تغيب إستاذ زميل له عن حصته الدراسية، طالباً من أحمد العودة إلى مكانه، ودارت مشادة كلامية بينهما انتهت بضرب الأستاذ لأحمد ضرباً مبرحاً بطريقة وحشية، وعندما وصلت الناظرة للسؤال عن ما يجري، نكر الأستاذ فعلته تلك."
وبدوره تابع وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، قضية الطفل أحمد، مكلفاً رئيس المنطقة التربوية باسم عباس وقف المعلم عن التدريس، والتحقيق معه غداً السبت، على أن يبلغ الوزير حمادة نتيجة التحقيق لاتخاذ التدبير القانوني النهائي بحقه. 
قد يخطيء التلميذ، وقد يعاقبه الأستاذ، ودور المدرسة تصحيح خطئه "بالتربية والتعليم" لا العنف كونها البيت الثاني، وكون الأستاذ المربي الثاني. وتعنيف التلميذ أمام تلاميذ آخرين هو عنف آخر يطال الطلاب جميعاً ويعمد إلى تخويفهم. فهل جاء التلميذ إلى المدرسة كي يرى زميله يُضرب؟ أم أن ضرب التلميذ أمام زملائه درس من نوع آخر؟ 

إقرأ أيضًا:الكوتا النسائية: لبنان في المركز ما قبل الأخير
ومهما كان "الجرم" الذي قام به التلميذ سواء مشادة كلامية، أو التقليل من إحترام استاذه، أو أعمال شيطانية... فمجرد أن يشاهد الرأي العام مشاهد قاسية يُعنف الطفل خلالها بطريقة وحشية سيقف معه رافضاً كل أشكال الوحشية التي تعرض لها. ألم يكن هناك أسلوب اخر لإنهاء تلك المشادة الكلامية دون اللجوء إلى العنف.
فماذا علّم الإستاذ تلميذه بعد الضرب الموجع؟ علّمه أن يعامل العنف بالعنف؟ أن يكون شخص ضعيف متأثر بكدمات وعلامات على جسده؟ أن تهتز ثقته بنفسه أمام زملائه الذين يشاهدون الأستاذ يضربه؟ أن يكذب تجنباً لعقوبة الضرب؟ أن يفكر بالإنتقام عندما يكبر....؟