يواجه «حزب الله» في هذه المرحلة تحديات متنوعة، بعض هذه التحديات تتعلق بأوضاعه التنظيمية الداخلية وكيفية اعادة ترتيب بنيته وهيكليته ومواجهة بعض حالات الترهل الداخلية، والقسم الثاني يتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية اللبنانية التي تترك انعكاساتها على دوره وموقعه في الوضع اللبناني، ولا سيما الاتفاق على قانون الانتخاب الجديد وحماية تحالفاته السياسية والحزبية، وتلبية حاجات وهموم الناس ولا سيما في البيئات القريبة منه. اما القسم الثالث فله علاقة بالتطورات الخارجية، ولا سيما بعد وصول دونالد ترامب إلى الموقع الرئاسي الأول في الولايات المتحدة وتزايد المخاوف من حصول عدوان اسرائيلي جديد على لبنان بدعم اميركي، اضافة إلى التطورات والاحداث في دول المنطقة، ولا سيما في سوريا والعراق واليمن.
فكيف يواجه الحزب مختلف هذه التحديات؟ وهل يستطيع التوفيق بين تنامي قدراته الشعبية والتنظيمية والعسكرية، وتلبية كل الاهتمامات التي يواجهها في المرحلة المقبلة؟
الأوضاع التنظيمية الداخلية
بداية ما هي أبرز التحديات الداخلية والتنظيمية، وكيف يواجه الحزب هذه التحديات؟
تقول مصادر مطلعة على أجواء الحزب الداخلية: إن «حزب الله» في خلال السنوات الأخيرة أصبح يعاني من تضخم كبير في بنيته الإدارية والتنظيمية والعسكرية، وزيادة كبيرة في التحديات والمسؤوليات التي تقع على عاتق قياداته وكوادره، وتوسع الحزب أفقياً وعمودياً وامتدت اهتماماته الى خارج لبنان بشكل لم يكن قائماً في ما قبل عام 2012، ويضاف إلى ذلك زيادة الضغوط الداخلية اللبنانية بسبب التطورات المختلفة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القاسية ولا سيما في المناطق التي يوجد فيها الحزب والبيئات المؤيدة له.
وتضيف المصادر: انه بسبب كل هذه التحديات عمد الحزب لتطوير البنية التنظيمية الداخلية وإحداث مواقع حزبية جديدة، واجراء تغييرات تنظيمية وعسكرية ، والبدء بشن حملة داخلية من اجل تعزيز الوضع التنظيمي والثقافي، وأن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، اضافة إلى قيادات أخرى مركزية، عقدوا في الأسابيع الماضية سلسلة لقاءات موسعة مع كوادر الحزب وعناصره وأفراد التعبئة التربوية والتعبئة العامة من أجل شرح مختلف التحديات والرد على الأسئلة والاشكالات التي تواجه الحزب في هذه المرحلة.
وتتابع المصادر: ان السيد نصر الله ركز في هذه اللقاءات على الجوانب الأخلاقية والإيمانية والتعبوية وكيفية مواجهة بعض اشكال الفساد المنتشرة في البيئات القريبة من الحزب، وتوضيح العديد من الأمور التي تثار حول دور الحزب ومواقفه وأدائه، وكذلك بشأن مختلف التحالفات والعلاقات مع القوى السياسية والحزبية وطمأنة كوادر الحزب وعناصره إلى الوضع القوي للحزب وعدم الخوف من أية متغيرات قد تحصل في المرحلة المقبلة.
التحدّيات الخارجية
لكن ماذا عن التحديات الخارجية التي يواجهها «حزب الله» في المرحلة المقبلة؟
تجيب المصادر المطلعة على أجواء الحزب: إن هذه التحدّيات تتمثل بشكل اساسي بالمتغيرات الحاصلة على الصعد الاقليمية والدولية، ولا سيما بعد تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهماته الرئاسية وازدياد المعطيات والمعلومات عن احتمال قيام العدوّ الصهيوني بشن عدوان جديد على لبنان بدعم أميركي وعربي، يضاف إلى ذلك التطورات الجارية في سوريا وما يمكن ان تحمله من متغيرات ميدانية او تسويات سياسية.
وفي مواجهة هذه التحديات عمدت قيادة الحزب الى تفعيل  وتنشيط دور المقاومة الإسلامية في لبنان وتطوير الاستعدادات الميدانية لمواجهة اي عدوان جديد، اضافة الى المواقف الأخيرة التي اطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله والتي هدد فيها بقصف مفاعل ديمونا والحديث عن امتلاك الحزب أسلحة جديدة وغير تقليدية.
وتتابع المصادر: ان قيادة الحزب تتابع باهتمام كل التطورات الداخلية والخارجية، وهي جاهزة لمواجهة كل التحديات المستجدة، وانه رغم زيادة حجم المهمات والأدوار التي يقوم بها الحزب داخلياً وخارجياً، فإن قيادة الحزب مطمئنة إلى قدرته على مواجهة هذه التحديات، ولا سيما حصول عدوان اسرائيلي جديد، وان انشغال الحزب بالصراع في سوريا وبعض دول المنطقة لن يؤثر في قدراته العسكرية والميدانية في مواجهة العدو الصهيوني.
وبالخلاصة، يبدو ان هموم الحزب وتحدياته تزداد يوماً بعد يوم، وقيادته مدركة لحجم هذه الهموم والتحديات، وهي تضع الخطط المختلفة لمواجهاته، وما علينا الا مراقبة أوضاع المرحلة المقبلة والمتغيرات الحاصلة، وهل ينجح الحزب في مواجهاته أم ان الضغوط المقبلة ستكون أقوى من قدراته وامكاناته؟