«... ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها الى الحكام...» القرآن: (البقرة – 188) في تفسير الآية: لا تدفعوا أموالكم إليهم على سبيل الرشوة...
 

وفي تفسير الموازنة: لا حساب ولا محاسبة، وكلٌّ يحسب أرقام الموازنة العامة بما ينطبق على موازنته الخاصة، ولسنا ندري ما هو السرّ الزمني الذي يجعل الإثني عشرية السنوية عدداً مركّباً على كل ما هو عاطل عندنا وتعطيل.

الدولة شركة إستثمارية خاصة يتولى مجلس إدارتها نصف إثني عشرية من المتنفّذين يتوزعون المداخيل فيما بينهم، وليس هناك رأس يفكِّر بخطورة المساس برأس المال.

هل تلحظ أبواب الموازنة مزاريب التهريب المشرَّعة من أبواب المرافئ والمرافق والممرات الفالتة على الحدود بين سوريا ولبنان، وهل تلحظ حماية الصناعة الوطنية والخدمات التجارية واليد العاملة من الغزو النازح؟

وهل تلحظ الموازنة فضائح المليارات المهدورة بالكهرباء، والصفقات المعقودة في الوزارات والإدارات وفواتير الغش والإرتزاق والتنفيعات، والرواتب الوهمية والتحايل على القانون والسطو على المال العام؟

العارفون في الشأن المالي والإقتصادي يعلنون أن ضبط مدخل واحد من مرفقي: المرفأ والمطار من شأنه أن يوفّر المداخيل لسلسلة الرتب والرواتب، ويحول دون إرهاق الطبقات الكادحة بمزيد من الضرائب على ما تبقّى من فِلْس أرملة العمال والموظفين والمستخدمين والبطون الجائعة؟

في القرن الخامس، نصَحَ حكام الأقاليم الأمبراطور البيزنطي تيباريوس الثاني بزيادة الضرائب فكتب إليهم يقول: «على الراعي الصالح أن يجزَّ صوف نعاجه لا أن يسلخ جلودها».

يومها... لم تكن المجتمعات على هذا النحو من التطور المنهجي، ولم تكن الدول قد توصلت الى تحديد المنتظمات السياسية والقوانين الوضعية للمجتمعات.

ويومنا... يجسّد التقهقر الى ما قبل القرن الخامس، ولم يمنّ الله علينا بإمبراطور بيزنطي إسمه تيباريوس.

المتاجرة بالأنظمة والقوانين وتسخيرها لمصلحة أرباب النفوذ وسائر عيالهم، هي حرام مدني وأخلاقي ودستوري، أما المتاجرة بلقمة الفقراء والجياع والمساكين فهي حرام مدني وإنساني وإلهي، وجريمة جهنمية ليس لها عند ربك شفاعة أو عفو.

من أبرز مهام الحكام السعي الدؤوب الى تضافر واردات الدولة بما يؤول الى تنميتها وتعزيز شأن الشعب ورفاهيته، حتى إن ملك إسبانيا فيليب الثاني في القرن الخامس عشر تزوج أربع مرات بزوجات ثريَّات من أجل إنعاش خزائن الدولة.

وعبثاً تحاول هذه الدولة أن تنهض من رزايا التخلّف وبقايا القرون الوسطى الى مستوى التطوّر الإنساني في القرن الواحد والعشرين، ما دامت الخزينة فريسة مستباحة للمافيا المتوارثة، وما دام رئيس الجمهورية لا يحق له شرعاً تعدُّد الزوجات.