كثرَ الحديث سرّاً وعلناً في الآونة الأخيرة عن تحالفات انتخابية في عاصمة الشمال، ونشَطت وسائل إعلامية في الإضاءة على مستورٍ هو في الحقيقة مجهول إلى ما بعد صدور قانون انتخاب جديد، إن لم نقل إلى اللحظات الأخيرة من إقفال باب الترشيح أمام النواب المفترَضين.عن اللوائح المزمع تأليفها في ضوء قانون الانتخاب الجديد، فقد تناقضت تلك الوسائل الإعلامية في عرض عيّنات، منها:
 

 

لائحة ترجّح التحالف بين الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي، فيما سرَت معلومات عن انضمام ريفي فجأةً إلى لائحة الرئيس سعد الحريري، بعد اشتراط ريفي ضمَّ أربعة مرشّحين محسوبين عليه إلى هذه اللائحة وهم من طرابلس ـ الميناء والمنية وعكّار، وتشير هذه المعلومات إلى اجتماعات ومساعٍ تجري خلفَ الكواليس لتثبيت عودة أبناء «التيّار الأزرق» شمالاً إلى التغريد على» موجة زرقاء واحدة»، مؤكّدةً «أنّ المحاولات لم تتوقف وهي جارية على قدم وساق وبمساعٍ داخلية وخارجية».

كذلك سرَت شائعات عن نشوء تحالف برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، ويضمّ إليه ريفي والنائبَين أحمد فتفت وخالد الضاهر وغيرَهم من الأسماء الشاردة عن «التيار الأزرق» وذلك بغية استنهاض هذا التيار.

إلّا أنّ مصادر قريبة من فتفت أكّدت لـ«الجمهورية» أنه «كان البادئ في محاولات لمِ الشملِ بين الحريري وريفي، لكنّ كلّ محاولاته باءت بالفشل، إلّا أنّه لن يُقدِم إطلاقاً ومهما كان السبب وتحت أيّ ظرف من الظروف على الترشح في وجه الحريري.

أمّا بالنسبة إلى تلك اللوائح المفترضة والتي راجت أخيراً، فإنّ المراقبين يتساءلون عن واقعيتها وعمّا إذا كان لمصلحة الطرفين، خصوصاً ريفي الذي يُعتبَر تحالفه انتخابياً مع ميقاتي تراجعاً عن مواقف ثابتة نادى في الماضي باستحالة المساومة عليها، على رغم من لقائهما مرّات عدة في مناسبات اجتماعية وخاصة وعَقدا خلوات جانبية، وفي كلّ مرّة كان يُسأل ريفي عن هذه اللقاءات يُسارع إلى نفي احتمال تحالفِه السياسي مع ميقاتي، إلّا أنّ الأجواء اليوم ليست شبيهة بالأمس، فلا عمل بلدية طرابلس متّنَ الرافعة لاستمرار صدارة ريفي، ولا ميقاتي وقفَ متفرّجاً لتعويض الخسارة الماضية، بل على العكس. كما يتساءل المراقبون هل إنّ مصلحة ميقاتي أيضاً تقتضي فعلياً تبديل تحالفاته البلدية بأخرى نابية؟

في المقابل فإنّ تحالف ريفي مع الحريري ولو أنه سيَريح الأرضية السنّية في الشمال عموماً وفي طرابلس عاصمته خصوصاً، إلّا أنه سيبدو تنازلاً واعترافاً علنياً بأحادية الساحة السنّية الحريرية، وهو الأمر الذي أعلنَ ريفي سقوطه منذ زمن.

على أنّ المفاجآت السياسية واردة و»عزم» ريفي على اختيار لائحة مدنية أو سياسية تُسانده في الفوز لا يعني حكماً أنّ «عزم» ميقاتي على تشكيل لائحة تليق بمكانته العملية في المدينة ليس مطروحاً؟ لا سيّما أنّ الأخير كان البادئ في إعلان نيّاته من خلال مؤتمر صحافي أعلنَ فيه صراحةً عزمَه على تشكيل لائحته الخاصّة، فيما يصف زوّار ميقاتي وضعَ الأخير بأنّه يبدو مترقّباً من عليائه قبل استعمال أسلحته المتعدّدة...

كذلك لا يعني أيضاً غروب «عزم» تيار «المستقبل» وعزم رئيسِه الحريري على «استعادة طرابلس حريرية الهوى مئة في المئة مهما كان الثمن»!

هذا ما يقوله محلّلون ومراقبون وبعضُ أبناء البلد وبعض وسائل الإعلام.

أمّا الحقيقة فقد آثرَت «الجمهورية» استيضاح أصحاب الشأن عنها، ولا سيّما منهم ريفي الذي قال لنا إنه لم يُخفِ مرّةً إعلانَ نياته الحقيقية علناً، إن في ترشّحِه أو في تحالفاته. وأكّد أن لا صحّة لأيّ من تلك الترجيحات ولا علمَ له بها ولا بتفاصيلها وهي في نظره خيالات بعض الاعلاميين.

وقال إنه يعتبر نفسَه نواةً تغييرية رافضة الطاقم الحالي، وأنّ تحالفه سيكون فقط مع المجتمع المدني الذي يشبهه، وهو جاهز منذ زمن للمعركة الانتخابية.

أمّا الانتخابات النيابية فهي في نظره «استفتاء حول مبادئ وقيَم، وليست سعياً للوصول إلى أيّ منصبٍ عالٍ، إلّا إذا كان بهدف خدمة القضية». لافتاً إلى «أنّ أيّ قانون انتخاب مقبل يجب ان يكون معياره الأساسي طريقة التخلّص مِن هذه الطبقة السياسية الفاسدة».

وعن قوّته الانتخابية، قال ريفي «إنّها مستمَدة من الشعب وليس من بعض الجهات النافذة السياسية أو الخارجية كما يُشاع، ومستمَدّة أيضاً وأساساً من المجتمع السنّي الطرابلسي ومن المجتمع السيادي الرافض استمرارَ الطبقة التي لم تحافظ على ثوابتها».

ويَعتبر ريفي أنّ «حليفه الثابت حتى الآن هو المجتمع المدني». ويرفض الخوض في مسألة المصالحة مع الحريري، مشدّداً على أنّه متمسّك بثوابته ومبادئه وسيتحالف مع أمثاله.

بيني وبينه

ويوضح ريفي أنّ ما بينه وبين ميقاتي تعاونٌ إنمائي لخدمة المدينة، وهو مشروع لإنارة طرابلس، 24 /24، وهذا لا يعني حكماً تحالفاً انتخابياً. مذكّراً بأنّه دعا منذ زمن كافة الأقطاب السياسية الطرابلسية إلى التعاون في سبيل هذا الإنماء، متمنّياً من جميع الأفرقاء جعلَ إنماءِ المدينة فوق النزاعات السياسية، وكاشفاً «أنّ مشروع إنارة طرابلس سيبصر النور قريباً وأنّ الخطوات العملية ستبدأ قريباً على الأرض».

قانون انتخابات

وفي سياق متّصل، يرفض ريفي الطرح الذي يدعو إلى انتخاب جزء من نواب طرابلس على أساس القانون الأكثري، والجزء الآخر على أساس القانون النسبي، «فيما تشارك 6 أقضية في التصويت على بعض نوّابنا».

ويحذّر من أنّ الذي يريد التصويت لجزء من نوابه يريد هو أيضاً أن يصوّت له على جزء من نوابه... واصفاً الأمرَ بأنه «تهميش للمواطنية»، ومؤكّداً أنّه «لن يقبله وسيحاربه»، ومعلّقاً «لن نسمح بأن تنتقص مواطنيتُنا، وسيكون لدينا موقفٌ صارم ..وليُبلّطوا البحر».

في سياق آخر، أيّد ريفي موقفَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور جعجع من ضرورة تخصيص الكهرباء 24 على 24 في الموازنة الجديدة، لافتاً إلى أنّ فاتورة العزل الكهربائي السنوي في لبنان تتجاوز الملياري دولار، وهي توزّع حصَصاً على الفاسدين من القوى السياسية، داعياً إلى إلغاء الضرائب المفترَضة المطروحة واستبدالِها بفاتورة العزل الكهربائي الكفيلة بتغطية سلسلة الرتب والرواتب التي يؤيّدها في المطلق.

عن علاقته بالعهد بعد مئة يوم وأسبوع على انطلاقته، يقول ريفي إنه ما زال على موقفه الذي أعلنه قبل الانتخابات الرئاسية، ويوماً بعد يوم يزداد اقتناعه بهذا الموقف أكثر فأكثر.