لقد بات المشهد الإسلامي أمام نماذج عديدة وبات حال المسلمين فرق كثيرة كل منها يروج الإسلام الذي يريده أين الإسلام من هذه المشاهد كلها
 

أولا : مذابح داعش .
لو قُيّض لك أن تطّلع على المشاهد التي نشرتها داعش منذ حوالي عامٍ مضى، وهي تُظهر ما حلّ بآثار متحف الموصل ومنحوتاته التاريخية على وقع الأهازيج الإسلامية، فماذا تقول؟ وماذا تُسمّي هذه المذبحة؟ أليست "إسلامية"! ألا نسمي جرائم "اليهود" وننعتها باليهودية، ألا نقول : الجرائم المغولية بحقّ هذه الشعوب التي استباحت بغداد قتلاً وحرقاً واغتصابا؟، ألم نسمي الحملات الأوروبية في القرون الوسطى بالصليبية؟ وفتوحات الإسلام "المجيدة"، في رأي البعض،أليست فتوحات إسلامية؟ وثقافة القرن الرابع الهجري وحضارته الرائعة التي شعّت على العالم أجمع، أليست إسلامية؟ وعصر الانحطاط ،أليس انحطاطاً إسلامياً، وحركة الإصلاح الديني التي قادها الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، أليست إسلامية؟ وجرائم الإسلامويين اليوم الذين يُصرّون على نسبة جرائمهم للسيرة النبوية، أليست إسلامية كما ادّعى يوماً ما شكري مصطفى، مؤسس جماعة التكفير والهجرة في مصر، باحتذاء السّنة شبراً بشبر وذراعاً بذراع. يكفي أن تلقي نظرة على شراويلهم،، لباس شرعي للرجال،، ألا ترى كيف يقيمون للمذابح البشرية شعائر إسلامية، شئنا أم أبينا، مجلببة بجلباب الإسلام، يبيعون النساء في الأسواق كما كانت تباعُ الفارسيات والديلميات والروميات والحبشيات والشركسيات في أسواق المدينة ومكة وبغداد والقيروان واصفهان، وهناك من ما زال يتحسّر على تلك الأيام العامرة بالعبيد والذهب والأنعام التي كانت ترد على بيت مال المسلمين من نواحي المعمورة، وقد ظلّ الملك فؤاد حتى أوائل القرن العشرين يوزع المحظيات الشركسيات على أصدقائه وندمائه.

إقرأ أيضًا: المواجهة التركية - الايرانية في المنطقة العربية، إلى العلن مُجدّداً
ثانياً: إسلامٌ واحد أم "إسلامات"؟

نعم يا أخي "المسلم"، إنّهم مسلمون، والخوارج كانوا مسلمين، أكثر من الأعراب، ونحن مسلمون، وجيراننا الأقربون مسلمون، والابعدون أيضاً، أم أنّ القول بفئةٍ واحدة ناجية، و٧٢ فئة في النار ما زالت صالحة، ولا يخدعنّنا أحد بعد اليوم، لا يوجد إسلام واحد، يوجد إسلامات منوعة إن صحّ التعبير، إسلام عربي وآخر هندي، وباكستاني وتركي وفارسي وبربري واندونيسي وشيشاني، وداخل كل قومية هناك منوعات، السعودي غير الإماراتي، قارن بين دبي ومكة. أما في الأسماء فحدث ولا حرج، عندنا إسلام البنا وقطب، وإسلام شكري مصطفى والترابي السوداني، وبن لادن والظواهري والخميني، وهناك نسخة خاصة بصدّام حسين، أمّا آخر نسخة أصيلة ومنقّحة فهي للخليفة أبي بكر البغدادي، أعادنا إلى أيام الخلفاء الراشدين، الخلافة برموزها وفتنها وموبقاتها، من حروب الردّة، حيث قُتل عدد كبير من العرب، ويجزم عبد الرازق بأنّها لم تكن حرباً دينية، ويستشهد بوقوف عمر بن الخطاب ضدها، فقد سُبيت نساءٌ فيها وأطفال، حتى أمر عمر بإطلاق السبي في ولايته، قائلا: لا ينبغي لعربي أن يسترقّ عربياً، وتتالت الجرائم والمذابح، منذ أن قتل خالد بن الوليد من قتل في المغيط، رغم أن القوم وضعوا سلاحهم، ومنذ أن قصف الحجاج الكعبة بالمنجنيق، مدفعية تلك الأيام غير آبهٍ بمن تعلّق بأستارها، ومنذ أن استُبيح دم الحسين بن علي في كربلاء، وسُبيت نساء ابن بنت رسول الله، ومنذ أن دعا الخليفة العباسي السفاح من كان على قيد الحياة من وجوه بني أميّة، وعددهم ثمانين رجلا إلى وليمة عشاء، وعندما استووا على مقاعدهم أعمل السيوف في رقابهم.

إقرا أيضا: الرفاعي يُحذّر المسؤولين من خرق الدستور، على من تقرأ مزاميرك ؟!!!
هذا كله مجلبةً للهمّ وضيق الصدر، من هو القادر اليوم وسط هذا الدمار والعنف والظلام، أن يبلور أي نظام فكري وديني وأخلاقي قمين بإيقاف هذه الأمم التي تدين بالإسلام على قدمين ثابتتين، بعد أن تخلّت عن أعزّ وأهم ما يميّز هذه المنطقة، عنيت بذلك التنوع الحضاري، ديناً وعرقا ولغة وثقافة، بعد أن تمّ تهجير اليهود، جاء دور المسيحيين والاشوريين والكلدان، والازيديين ، والله المستعان من قبل ومن بعد.