نشرت صحيفة ديلي تلغراف قصة امرأة سورية سجنها نظام بشار الأسد مع أطفالها، وعانت بطريقة جعلتها تتمنى الموت، حيث ناشدت الحراس لقتلها.
 

وجاء في التقرير: "بعد ثلاثة أعوام من العيش في أقبية سجون بشار الأسد سيئة السمعة، لم تكن رشا الشربجي تتخيل أنها سترى أطفالها مرة أخرى، أو أنها ستستنشق الهواء مرة أخرى، وكان التعذيب النفسي أكبر من أن تتحمله، لدرجة أنها طلبت من الحراس قتلها، لكنها خرجت في صفقة تبادل نادرة بين النظام والمعارضة، حيث تم إطلاق سراحها الأسبوع الماضي مع أكثر من 100 امرأة وطفل".

وتحدثت الصحيفة مع الشربجي من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة عن طريق الهاتف، ووصفت ما تعرضت له في سجون النظام، وكيف أنها والسجينات معها لم يكن يعرفن أين اعتقلن.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الشربجي، من بلدة داريا قرب العاصمة دمشق، اعتقلت في 22 أيار/ مايو 2014، عندما ذهبت إلى دائرة الهجرة لاستخراج جواز سفر لها، وكانت السيدة، البالغة من العمر 34 عاما، حاملا في شهرها السابع بتوأم، اعتقلت مع أبنائها محمد (8 أعوام)، ومنى (6 أعوام)، وبتول (5 أعوام)؛ وذلك للضغط على زوجها أسامة، وتقول: "كان معارضا للحكومة، ومسؤولا بارزا في الجيش السوري الحر، وكانوا يريدون منه تسليم نفسه، واعتقدوا أن هذه هي الطريقة المناسبة".

إقرأ أيضا : بشار الأسد قتل 900 طفل بمحافظة حماة منذ 2011

 

وتكشف الصحيفة عن أن الشربجي نقلت هي وأطفالها إلى سجن المزة سيئ السمعة، الذي أغلق بناء على أمر من الأسد عندما تولى السلطة بعد وفاة والده في عام 2000، وأعيد افتتاحه من جديد بعد اندلاع الثورة عام 2011، مشيرة إلى أن أبناء الشربجي ظلوا معها في الزنزانة، التي لم يكن فيها ضوء، وأعطوها رقم -714، وقالوا إنه يجب ألا تعرف باسم العائلة.

وتقول الشربجي للصحيفة: "لم يكن هناك طعام كاف سوى البطاطا المسلوقة، والزيتون المليء بالذباب والحشرات، الذي أكله الأولاد للبقاء على قيد الحياة، ولم أستطع أكله بسبب الضغط والإجهاد".

ويلفت التقرير إلى أن الشربجي حاولت تناسي الوضع الذي تعيش فيه داخل السجن، من خلال الحديث مع أطفالها حول الأفلام الكرتونية التي كانوا يحبونها، ورواية قصص لهم عن أجدادهم، وتقول: "عندما حل الشتاء، حيث أصبح الجو باردا لا يتحمله الأطفال نقلوهم بعد ذلك إلى ملجأ"، وأجبرت بعد ذلك على إجراء عملية قيصرية في المستشفى العسكري المعروف باسم مستشفى رقم 601.

وتذكر الصحيفة أن مصورا يعمل في المستشفى هرّب معه صورا عدة، بعدما انشق عام 2013، وتظهر جثثا عارية وبقايا هياكل عظمية، وعرف المصور باسم "قيصر"، لافتة إلى أنه رغم أن الشربجي لم تتعرض للأذى وهي في السجن، أو عندما كانت في المستشفى العسكري، إلا أنها تعرضت لما تقول إنه "تعذيب نفسي".

وتقول الشربجي: "هددوا برمي التوأم صفا ومروة من الشباك إن لم أخبرهم عن مكان أسامة، ولم يعطوني ملابس للتوأم، ولهذا لبستا الخرق الممزقة"، مشيرة إلى أنه بعد أن عانت الطفلتان من سوء التغذية والإسهال المستمر أخذتا إلى الملجأ، وتضيف الشربجي: "بكيت لأسابيع عندما أخذوهما مني، وطلبت منهم إعدامي، حيث اعتقدت أن هذه هي الطريقة الأسهل للتخلص من العذاب". 

ويورد التقرير نقلا عن الشربجي، قولها إنها شاهدت نساء يضربن بالأنابيب البلاستيكية على أيديهن، وكان الحرس يرشون النساء بالماء الحار ثم الماء البارد أثناء التعذيب، وأضافت أنها شاهدت رجلا تم تعذيبه بالصعقات الكهربائية حتى الموت، لافتة إلى أنه حتى الأطفال في سن الخامسة ضربوا، وطلب منهم الوقوف على الجدار لدرجة لم يستطيعوا معها التحمل.

وتقول الشربجي: "تم سجني لعامين وثمانية أشهر و15 يوما، دون أن يقال لي لماذا، وقالوا فقط إنهم إن لم يستطيعوا اعتقال زوجي، فإنهم يعتقلونني، واعتقدوا أن النساء يستطعن منع رجالهن من الانضمام إلى الثورة".

وتنوه الصحيفة إلى أن عشرات الآلاف اختفوا في السجون السورية دون محاكمة أو وجود أثر لهم، ويعتقد أن هناك حوالي 8500 امرأة، منهن 300 فتاة دون سن السادسة عشرة، معتقلات لدى النظام، مشيرة إلى أن تقريرا صدر الأسبوع الماضي عن منظمة "أمنستي إنترناشونال" اتهم النظام بقتل ما يقرب من 13 ألف سجين منذ بداية الثورة.

وبحسب التقرير، فإن الشربجي اجتمعت مع زوجها وأولادها الخمسة لأول مرة هذا الأسبوع، وقالت إن الكبار منهم يعانون من الصدمة، أما الصغيرتان فلم تتعرفا على أمهما، وتقول: "أولادي لا يعرفونني، لا يمكنك تخيل ما أشعر به، لم تنته معاناتي بالإفراج عني".

وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول الشربجي: "رسالتي للمجتمع الدولي بأن عليه شجب المجرم الذي يعذب النساء والأطفال والرجال، واستخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، وقصف بيوتهم، أرجوكم ضعوا حدا لهذا السفاح".