كثير من المفاهيم والمصطلحات تغزو عالمنا الشيعي دون أي تدقيق، وفي إطلالة سريعة على بعض المصطلحات تبين أن الكثير من المصطلحات في المجتمع الشيعي والحوزوي تحديدًا ليس من الأساسيات ولا وجود لها اصلًا
 

المرجع الأعلى وزعيم الحوزة العلمية والإمام ومصطلحات أخرى يستخدمها عامة الشيعة لإطلاقها على مراجعهم ومن يقلدونهم من علماء الدين، ولم يكن هذا المصطلح يومًا ثابتًا في الشريعة كلقب يطلق على المرجع أو رجل الدين مهما كان علمه ومهما علا شأنه، وجاءت هذه المصطلحات الرائجة اليوم في الوسط الحوزوي الشيعي كألقاب مصطنعة وضعها المحبون و المقلدون والمؤيدون.
يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين  في كتابه  الإجتهاد والتجديد، ص144 الطبعة الاولى 1999:
هذا المصطلح (مرجع أعلى) لا أساس له إطلاقاً بالشرع، ولا أساس له قبل الشرع الإسلامي في الفكر الإسلامي ... وأقول للتاريخ إننا في عهد الشهيد السيد محمد باقر الصدر نـحن مجموعة من الناس، وأنا واحد منهم رحم الله من توفاه، وحفظ الله من بقي حيًا، نـحن اخترعنا هذا المصطلح في النجف إخترعنا مصطلح مرجع أعلى، وقبل مرحلة الستينيات لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق، هذا المصطلح نـحن أوجدناه؛ السيد محمد باقر الحكيم، السيد محمد مهدي الحكيم، السيد محمد بحر العلوم، ولعله يمكن أن أقول بنحو المصادفة إن جانب السيد الشهيد (رض) كان من الرعيل الأول، وهو أعلاهم وأسماهم. والداعي أنا محمد مهدي شمس الدين، كنا مجموعة نعمل في مواجهة نظام عبد الكريم قاسم المؤيد للشيوعية في نطاق جماعة العلماء، وفي نطاق مجلة الأضواء، وأردنا أن نوجه خطاباً سياسياً للخارج ... اخترعنا هذا المصطلح واستعملناه، وآسف إذا أصبح مصطلحاً رائجاً، وهو لا أساس له على الإطلاق، إستخدمناه وأفادنا كثيرًا، ولكن نـحن إستخدمناه كآلية لا نريده، ولا نريده غلًا، ولا نريده عائقًا...
وكذلك المصطلحات الرائجة اليوم ولي أمر المسلمين والولي الفقيه وغيرها مما وضعه الأتباع والمحبون هو أيضًا غير موجود في تاريخ الحوزة العلمية وقد تم وضع هذه المصطلحات للتأثير على عامة الناس ولتكريس الإحقان والتنافس داخل الطائفة الواحدة مما يسبب الضياع عن الأساسيات في المجتمع الحوزوي ومما يسبب الإبتعاد وعدم القدرة على النقد والمراقبة والمحاسبة لما نجده في الحوزات الدينية ولدى المراجع وعلماء الدين و رجال الدين.

إقرأ أيضًا: رسالة مدوية إلى السلطة و الأحزاب : فوز لائحة العمل النقابي المستقل في البقاع ورئيس اللائحة يتحدث للبنان الجديد.

التقليد :
وكذلك هناك الكثير من المصطلحات والمفاهيم التي غرسها رجال الدين في عقول العامة وهي ليست من مسلمات الدين ولا من ضرورياته وعلى سبيل المثال مسألة التقليد التي تعتبر أيضا من المسائل الوضعية في الشريعة وهي ليست من الضرورات ولا المسلمات .
وفي هذا السياق يقول السيد الخوئي رحمه الله في كتابه الإجتهاد والتقليد ص81، قال بعد كلام طويل حول ما يسمى المرجعية والتقليد :
((ثم أن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية اللهم إلا في النذر وذلك لعدم وروده في شيء من الروايات، نعم ورد في رواية الاحتجاج -فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه- إلا أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليها...)).
وكذلك يقول الخوئي في ص221: ((أن الرواية ضعيفة السند لأن التفسير المنسوب إلى العسكري -عليه السلام- لم تثبت بطريق قابل للاعتماد عليه فان في طريقه جملة من المجاهيل كمحمد بن القاسم الاسترابادي ، ويوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار...)).

إقرأ أيضًا: هل يتحول قانون الانتخاب إلى أزمة سياسية ؟
كما يقول السيد الخوئي رحمه الله أبرز فقهاء الجعفرية في القرن العشرين عن مسألة (التقليد): من حق المؤمن المقلد بل من واجبه أن لا يعمل بفتوى فقيهه - مرجعه - إن لم يحصل له اطمئنان على صحة دليل فتوى فقيهه -مرجعه- وكذلك الامر لا يجوز للمؤمن المقلد أن يعمل بحكم الفقيه إن حصل عنده إطمئنان على عدم صحة مقدمات حكم الفقيه وأيقن بفساد مقدماته وخطئها التي استند إليها الفقيه في حكمه.
ويقول ايضاً: إن مسألة التقليد مسألة عقلية اجتهادية لا نقلية شرعية؛ لأنه لم تثبت عنده صحة الرواية الداعية إلى التقليد.
وإليك نص السيد الخوئي رحمه الله حرفياً: (إنَّ المكلف لا بد في استناده إلى فتوى المجتهد أن يكون قاطعًا بحجيتها في حقه).
- تأمل جيداً بقوله - أن يكون قاطعًا بحجيتها يعني من الواضح جداً أنه لا يجوز له العمل بفتوى المجتهد إن لم يكن قاطعاً بحجيتها. 
ويتابع السيد الخوئي بقوله: أو يعتمد المؤمن المكلف في ذلك على ما يقطع بحجية الفتوى عليه ولا يسوغ له، أي ولا يجوز له أن يستند في تقليده على ما لا يُعْلَمُ بِحُجِّيَتِهِ إذ معه يُحْتَمَل العقاب على أفعاله وتروكه للأفعال وعليه لا يمكن أن تكون مسألة التقليد تقليدية بل لا بد أن تكون ثابتة بالإجتهاد.