أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتزامه إقامة «مناطق آمنة» للنازحين في سوريا بدلاً من استقبال اللاجئين في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن دول الخليج ستموّل إقامة تلك المناطق.

وقال ترامب في كلمة ألقاها أمام مؤيديه في ولاية فلوريدا بثته قنوات التلفزيون الأميركية: «أريد إقامة مناطق آمنة في سوريا ليبقى فيها السوريون حتى تسوية الأوضاع في مدنهم». وأضاف أن «دول الخليج ستمول تلك المناطق الآمنة».

وأكد ترامب عزمه على مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى انه طلب من وزير الدفاع جيمس ماتيس إعداد «خطة لسحق«داعش» سحقاً تاماً». وأضاف أنه «أمر ببذل جهود حازمة للتصدي للإرهابيين الإسلاميين المتشددين ليبقوا بعيدا عن بلادنا».

وكان ترامب أعلن في وقت سباق عزمه على إقامة مناطق آمنة في سوريا لحل قضية النازحين. وحتى الآن لم يتم الكشف عن تفاصيل فكرته حول المناطق الآمنة وكيفية إقامتها.

وأشار الممثل الخاص للرئيس الأميركي في التحالف ضد «داعش» بريت ماكغورك، إلى أن استراتيجية بلاده في سوريا تختلف عن المسلك الروسي هناك. وقال: «وقف الجانبان الروسي والأميركي عند حافة الاتفاق على فرض وقف اطلاق النار، ولكن الأمر فشل بسبب ألاعيب القوى الإقليمية».

وأشار ماكغورك إلى أن واشنطن تنتهج مسالك واستراتيجيات مغايرة لما تسير عليه روسيا. وذكر أن الولايات المتحدة تعمل أيضا بنجاح هناك وشدد على وجود فرص لتسوية ناجحة للنزاع في سوريا، قائلا: «ربما لا تزال هناك بعض الفرص للتسوية على أساس تخفيف حدة التوتر الذي نلاحظه حاليا ولكن يجب تعزيز وتعميق ذلك».

وخفضت الأمم المتحدة والأطراف الأخرى المشاركة في جهود السلام السورية من توقعاتها بشأن حدوث انفراجة كبيرة في محادثات جنيف المقررة خلال أيام، في ظل ارتباك السياسة الأميركية بشأن الأزمة السورية وعدم وضوح علاقتها بروسيا.

وقال ماكغورك إن الإدارة الأميركية تجري مراجعة شاملة لسياستها بشأن سوريا يتوقع استكمالها في الأسابيع المقبلة، لكنه حذر من رفع سقف التوقعات. وأوضح للمشاركين في مؤتمر ميونيخ «لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستخرج بحل يناسب الجميع لأنه لا وجود له».

وصرح مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا في كلمة بمؤتمر ميونيخ الأمني أن عدم وضوح الموقف الأميركي جعل حل القضايا الشائكة في الصراع الممتد منذ ستة أعوام أكثر صعوبة من جهود الوساطة التي أجراها بشأن العراق وأفغانستان في السابق.

وقال «لا يمكنني أن أقول لكم (إن كانت ستنجح) ولكن علينا أن نعمل على أن تكون هناك قوة دفع حتى إذا لم يكن من الممكن أن يصمد وقف اطلاق النار طويلا إن لم يكن هناك (حل) سياسي»، في إشارة إلى وقف اطلاق النار الهش الذي أعلن بوساطة روسيا وتركيا قبيل محادثات آستانة عاصمة كازاخستان.

وأضاف دي ميستورا أن واشنطن لديها «ثلاث أولويات: مكافحة«داعش»والحد من نفوذ لاعب إقليمي معين (إيران) وعدم تعريض أحد حلفائها الرئيسيين في المنطقة للخطر». وتساءل «كيف يمكن تسوية هذه المعضلة؟ هذا ما يجري النقاش حوله في واشنطن».

وتابع دي ميستورا للمندوبين «شيء واحد أبحث عنه في هذه اللحظة... (وهو) استراتيجية أميركية واضحة. أين الولايات المتحدة (من الحل السياسي)؟ ليس عندي رد لأنني لا أعرف».

وفي سوريا، ارتكبت الطائرات الروسية مجزرة مروعة في بلدة نصيب بريف درعا الشرقي راح ضحيتها شهداء وجرحى مدنيون.

ونقلت مصادر ميدانية لـ«أورينت نيوز» أن غارات روسية استهدفت بلدة النصيب بالريف الشرقي، ما أدى الى مقتل 7 أشخاص وسقوط عدد من الجرحى في حصيلة مرجحة للازدياد بسبب وجود حالات خطيرة.

وقال مصدر طبي إن مشفى قرية نصيب الميداني في درعا خرج عن الخدمة من جراء قصف جوي ومدفعي على محيطه.

وتواصل الطائرات الروسية حملتها العسكرية «الشرسة» على الأحياء السكنية في مدينة درعا وريفها حيث تأتي هذه الغارات برغم تعهدات موسكو في ختام محادثات آستانة بوقف استهداف المناطق المحررة.

وواصلت قوات النظام قصفها منذ ساعات الصباح لحي القابون بصواريخ أرض- أرض من طراز «فيل» وقذائف المدفعية مستهدفة الأبنية السكنية، ما أسفر عن جرح عشرات المدنيين. وطاول القصف كذلك حي تشرين القريب وامتد إلى بساتين برزة. وافاد ناشطون أن المنطقة تشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه العاصمة دمشق وأن النظام اعتقل عددا كبيرا منهم.

وذكر مراقبون أن طائرات تابعة لنظام الأسد نفذت ضربات على مناطق محاصرة تسيطر عليها المعارضة في حمص ودرعا وفي ضواحي العاصمة دمشق فيما بدا أنه تكثيف للهجمات في غرب البلاد.

واتهمت الهيئة العليا للمفاوضات النظام السوري بتكثيف هجماته العسكرية على العديد من المناطق الخاضعة لسيطرتها، واعتبرت هذا الامر «رسالة دموية» تسبق مفاوضات جنيف المقررة الخميس المقبل بين الطرفين.

وافاد بيان للهيئة «ان الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام وحلفاؤه باستهدافه درعا والغوطة الشرقية وأحياء برزة والقابون وتشرين في دمشق وحي الوعر في حمص، وحماه وادلب وحلب (...) هي رسالة دموية من نظام مجرم تسبق المفاوضات السياسية في جنيف بأيام قليلة معلنة رفضه أي حل سياسي».

وانتقد البيان الموقف الروسي قائلا «يزعم الجانب الروسي أنه يملك تأثيراً كبيراً على نظام الأسد، لكنه حتى اللحظة ومنذ توقيع وقف اطلاق النار في الثلاثين من كانون الاول الماضي، لم يبدِ الجدية المطلوبة لكبح النظام عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب السوري، بل تعداه ليكون في بعض الأحيان مباركاً لهذه الجرائم».

وفي بيان منفصل حمل توقيع «وفد قوى الثورة السورية العسكري» اعتبرت الفصائل العسكرية المعارضة ان التصعيد الاخير للنظام «يقوض مشروع وقف اطلاق النار ويجهز على فرص الحل السياسي ويعطي الحق للفصائل الثورية بالرد المفتوح على كل اعتداء من قبل النظام وحلفائه على الشعب السوري».

وحض كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدول على التعجيل في بذل الجهود في سوريا، محذرا من أن قوات الأسد قد تكرر التكتيكات الوحشية التي ارتكبتها في حصار حلب.