دأب السيد حسن نصر الله على اتخاذ مواقف آحادية، تبلغ تأثيراتها السلبية حياة اللبنانيين جميعًا وتنطوي على كثير من الأزمات تجاه لبنان ومحيطه العربي الأمر الذي يشكل معضلة سياسية يصعب حلها في المدى المنظور
 

إسترعى الإنتباه الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله يوم أمس في ذكرى القادة الشهداء، والذي اإستعرض فيه قضايا المنطقة من زاوية آحادية أطلق خلالها التهديدات والإتهامات في كل الإتجاهات إسرائيل، السعودية، البحرين، اليمن، فلسطين .
قرر نصر الله المواجهة كعادته وها هو يعلن يوم أمس عن تحضيرات حزب الله للحرب المقبلة مع العدو الإسرائيلي من جهة ، وإنتقد من جهة ثانية السعودية والإمارات والبحرين على خلفية الأحداث الجارية في اليمن وسوريا والبحرين، وكأنه يريد أو هو يريد فعلًا زج لبنان من جديد في دائرة الخلاف مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وربما ما هو أكثر عبر الدخول في حزب جديدة مع إسرائيل على خلفية التصعيد الايراني الأميركي.
تصعيد نصر الله تجاه إسرائيل من جهة وتجاه الدول العربية الشقيقة من جهة ثانية ينطوي على إصرار على تخريب علاقات لبنان بمحيطه العربي طالما أن العلاقات الإيرانية العربية غير مستقرة وطالما أن العلاقات الأميركية الإيرانية غير مستقرة، لقد أصبحت قرارات نصر الله بالتصعيد مكشوفة إذ أنها ارتهنت بالكامل للإرادة الإيرانية ولإرادة الولي الفقيه ولبنان وحده سيدفع الثمن ولا يرى نصر الله في ذلك أي مشكلة.
إن ما يحتاجه لبنان في ذكرى القادة الشهداء وفي ذكرى رفيق الحريري أن تستمر موجة التفاؤل والرخاء وأن ينضوي الجميع تحت القانون والمؤسسات الدستورية وأن لا يعود الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله إلى إستهداف الأشقاء العرب عمومًا والمملكة العربية السعودية خصوصًا.

 

إقرأ أيضًا: شيعة لبنان ينتفضون على الثنائية الشيعية
فقد ذهب الرئيس عون إلى الرياض، وأعاد الصفاء الى العلاقات بين البلدين، بعد أن كانت تضررت نتيجة مواقف لنصرالله نفسه، وأكدت المملكة على أرفع المستويات وبقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز تجاوبها التام مع كل ما من شأنه دعم الشرعية اللبنانية واللبنانيين في الإجمال، وجاء وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الى بيروت وأعلن منها خطوات تفعيلية لذلك الموقف الإيجابي، ومنها قرب تعيين سفير جديد للمملكة، وزيادة عدد رحلات شركة الطيران السعودية الى بيروت وغير ذلك من خطوات تؤكد عمق الروابط البينية ومتانة العلاقات وحرص المملكة الأكيد على الاستقرار اللبناني ووحدة اللبنانيين على كل المستويات.. وبالتالي فإن أحداً من هؤلاء اللبنانيين لا يستطيع إلاّ أن يضع كلام نصرالله بالأمس في خانة تخريب تلك الإنجازات أو محاولة ذلك تماهياًا مع موقف إيران وقيادتها.

إقرأ أيضًا: أنقذوا المجلس الشيعي
لكن لا تعني هذه المحاولة أن تلك الأهداف ستتحقق. خصوصًا وأن الأشقاء العرب عمومًا والسعوديين خصوصًا يعرفون أن الغالبية العظمى من اللبنانيين لا توافق نصرالله على مواقفه، بل هي أول المتضررين من تلك المواقف، وأول الرافضين لها، خصوصًا وللمرة الألف بعد الألف، أن السعودية تحديدًا، لم تقدم لبلدنا سوى كل ما فيه خير ودعم ومؤازرة .
لقد شبع اللبنانيون، وأتخموا بالكوارث والأزمات والويلات والبلايا على مدى السنوات والعقود الماضية، ولا يحق لأي جهة أو حزب أو طرف ما أخذهم مرة أخرى رهينة مواقفه وحساباته وارتباطاته البعيدة عنهم وعن مصلحة بلدهم العليا.. مثلما أنّ لهم أن يلمسوا لمس اليد، حقيقة أنّ الدولة ومؤسساتها الشرعية هي التي تعبّر عن موقف لبنان الرسمي، وهي المعنية بصون حقوقهم والدفاع عنها وفي كل المجالات.