الرئيس الأميركي دونالد ترامب بثّ القوضى السياسية في العالم وأرخت تصريحاته اجواء من التوتر السياسي على كل صعيد وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط وتجاه إيران تحديدا فما هي التبعات السياسية لمواقف الرئيس الأميركي وهل ثمة تغييرات سياسية كبيرة في العالم في عهد ترامب؟
 

مع مطلع القرن الحالي وتحديدا في العام 2005 تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية يومها كونداليزا رايس عن شرق أوسط جديد ، وزفت إلى الشعوب العربية بشرى الفوضى الخلاقة التي لا تزال تتفاعل في المنطقة العربية وتتردد اصداؤها في كافة أرجاء الوطن العربي وتمعن فيه تشتيتا وتفتيتا وشرذمة، ليس فقط في الخارطة الجغرافية بل اخترقت أعماق التاريخ لاستحضار الصفحات السوداء منه لاستخدامها كمخزون احتياطي لإشعال الحروب القومية والطائفية والمذهبية في كل قطر من الأقطار العربية تحت عناوين براقة وشعارات واعدة بالحرية والسيادة والانعتاق من نير الديكتاتورية ونظام الحزب الواحد وكسر قيود الاجهزة البوليسية والامنية. 
وفي مشهد فيه الكثير من أوجه الشبه فإن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب ومنذ اللحظة الأولى لأطلاق حملته الانتخابية فإنه راح يطلق تباشير الفوضى الخلاقة ليس في منطقة بعينها بل على مستوى العالم كله وفي أربع رياح الأرض ما جعل المجتمع الدولي برمته في حالة خوف وقلق وانتظار مما قد يقدم عليه هذا الرئيس الآتي من عالم رجال الاعمال والمال ومن حلبات المصارعة من قرارات ومن خطوات قد تهدد السلم العالمي سيما وأنه حتى اللحظة فإن أحدا لم يستطع التكهن في أي إتجاه سيقود الاساطيل الأميركية. 
فالرئيس ترامب بدأ عهده بالتلويح بإجراء تغييرات منطلقا من أميركا نفسها حيث عمد إلى ضرب جملة قرارات كان قد اتخذها سلفه باراك أوباما لها علاقة بالبرنامج الصحي الذي سعى هذا الأخير لتحقيقها على مدى ثماني سنوات، ومن ثم اخترق الحدود إلى المكسيك عابرا المحيط ليطال أوروبا كلها بما فيها روسيا لينتقل إلى الشرق الأوسط وصولا إلى القارة الأسيوية وذلك من خلال جملة قرارات واتصالات وتصريحات بحيث جعلت المشهد السياسي الدولي يعيش حالة فوضى وارباك ويكتنفه الكثير من الغموض مع عدم وضوح الرؤية وغياب أي ضمانات والجميع في حالة ترقب. 
ففي أوروبا مثلا يظهر جليا حجم الحذر والقلق والتناقض في التعامل مع مواقف الرئيس الأميركي وتصريحاته سواء في بريطانيا او في ألمانيا او في فرنسا، فالكل حذر ولا يريد التسرع وإنما الانتظار والصبر حتى تظهر إمكانية ترامب وقدرته الحقيقية ورؤيته ومدى تحرره من القيود الداخلية في الولايات المتحده الأميركية. 
والأمر نفسه ينطبق على روسيا ويتبين ذلك من خلال تعدد تصريحات المسؤولين الروس حول الموضوع الواحد حتى يتسنى لهم فهم ما يريده الرئيس ترامب، وبالتالي عدم إثارة حفيظته واغضابه وهو ما تم ترجمته في العلاقات الأميركية - الروسية. 

إقرأ أيضًا:إيران في أجندة ترامب

وبالانتقال إلى منطقة الشرق الأوسط وتحديدا إلى علاقة الإدارة الأميركية الجديدة بإيران فإنه وبعد انتهاء ولاية الرئيس السابق باراك أوباما الذي انتهج سياسة انكفاء شبه تام عن المنطقة ميزها بانفتاح وتقاطع مصالح مع إيران في أكثر من ساحة إقليمية جاء الرئيس الجديد دونالد ترامب ليستهل ولايته الرئاسية في شقها الخارجي بحملة لا سابق لها ضد إيران وسياساتها الخارجية واصفا إياها مع طاقم إدارته بأكبر دولة إرهابية في العالم متقدما على سلفه جورج بوش الإبن الذي كان يعتبر متطرفا في سياساته الخارجية والذي اكتفى فقط عند تصنيف إيران بأنها أحد أركان محور الشر مع العراق وكوريا الشمالية. 
وجاء الموقف الإيراني متناقضا بين المرشد الخامنئي الذي قال أن ترامب جعل الحياة أسهل للايرانيين فيما قال وزير الخارجية الإيراني أمامنا أيام صعبة . 
والحملة العنيفة التي يشنها ترامب ضد إيران والتي تتركز على سلوكها الخارجي تشير وبكل وضوح إلى أن شيئا أساسيا في الواقع الدولي قد تغير وبطبيعة الحال سيكون له انعكاساته على الواقع الإقليمي. 
حتى اللحظة فإن أحدا لا يستطيع التكهن بما قد تؤدي إليه الأمور في العالم مع إدارة الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب لكن الأكيد أنه نجح وفي أول أسبوع من توليه سدة الرئاسة الأميركية من خلط الأوراق وبث حالة من الهستيريا في المجتمع الدولي وجعل الجميع في حالة ترقب وإشاعة الفوضى في كافة أرجاء المعمورة بما يقارب الفوضى التي تضرب الشرق الأوسط .